مناهضون
تُعد انتفاضة أبريل 2005 في الأحواز من أبرز المحطات التاريخية في مسار النضال الأحوازي ضد السياسات الإيرانية الرامية إلى طمس الهوية القومية العربية وتغيير البنية الديمغرافية للأحواز، حيث اندلعت هذه الانتفاضة على خلفية تسريب وثيقة رسمية منسوبة إلى مكتب الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، تضمنت خطة سرية تستهدف تقليص نسبة العرب في الأحواز من خلال تهجيرهم واستقدام مستوطنين من القومية الفارسية.
ورغم محاولات التعتيم الإعلامي، فإن هذه الانتفاضة شكلت لحظة فارقة؛ إذ أعادت القضية الأحوازية إلى واجهة الاهتمام الدولي، ورسخت إدراكاً عميقاً لدى العرب الأحوازيين بأنهم أمام مشروع منظم يهدد وجودهم القومي والسكاني.
ـ الخلفية التاريخية والسياسية:
احتلال الأحواز 1925: منذ إسقاط الدولة الكعبية وضم الأحواز إلى إيران، اعتمدت الحكومات المتعاقبة سياسة مركزية تقوم على نفي الهوية العربية.
سياسة الفرسنة: تضمنت تغيير أسماء المدن والأنهار، منع التعليم بالعربية، وتهميش العرب في الوظائف العامة.
التحولات الديموغرافية: اعتمد الاحتلال على نقل أعداد متزايدة من الفرس إلى الأحواز، بالتوازي مع تهجير السكان الأصليين عبر مصادرة الأراضي أو التضييق الاقتصادي.
الوثيقة المسربة (2005): تضمنت خطة لتغيير التركيبة السكانية بحيث لا تتجاوز نسبة العرب 30% خلال عقد واحد، وهو ما أشعل فتيل الغضب الشعبي.
الأسباب المباشرة للانتفاضة
– السياسات الديموغرافية الممنهجة:
تهجير سكان القرى العربية إلى ضواحي المدن الفارسية.
منح الأراضي الزراعية الخصبة لمستثمرين فرس وشركات مرتبطة بالحرس الثوري.
بناء مستوطنات جديدة تستهدف إحلال سكان غير عرب مكان السكان الأصليين.
– الحرمان الاقتصادي:
رغم أن الأحواز يضم أكثر من 80% من احتياطي النفط والغاز الإيراني، إلا أن السكان العرب عانوا من البطالة والفقر وغياب مشاريع التنمية.
– التهميش السياسي والثقافي:
غياب تمثيل سياسي حقيقي للعرب في المؤسسات الوطنية.
التضييق على الأنشطة الثقافية ومنع استخدام اللغة العربية في التعليم والإعلام الرسمي.
ـ مسار الأحداث:
اندلاع الشرارة: في 15 أبريل 2005، خرجت مظاهرات حاشدة في مدينة الأحواز، سرعان ما انتشرت إلى المحمرة، عبادان، الخفاجية، ومعشور.
طبيعة المشاركة: شاركت مختلف الفئات الاجتماعية، من طلاب وعمال وفلاحين إلى مثقفين وشيوخ عشائر، ما أعطى الانتفاضة طابعاً شعبياً عاماً.
ـ رد الاحتلال:
استخدمت قوات الأمن والحرس الثوري الرصاص الحي ضد المتظاهرين، مما أدى إلى سقوط أكثر من 50 شهيداً خلال الأيام الأولى.
شنت سلطات الاحتلال الإيراني حملة اعتقالات واسعة، طالت آلاف الناشطين.
فرضت رقابة إعلامية صارمة ومنعت أي تغطية مستقلة للأحداث.
النتائج والتداعيات
– قصيرة المدى:
قمع دموي خلف عشرات القتلى ومئات الجرحى وآلاف المعتقلين.
انتشار حالة من الخوف والترهيب في الشارع الأحوازي.
– طويلة المدى:
تحولت انتفاضة 2005 إلى رمز حديث للمقاومة الوطنية الأحوازية.
بروز منظمات حقوقية أحوازية في المهجر عملت على نقل القضية إلى المحافل الدولية.
تصاعد الشعور القومي لدى الأجيال الجديدة، مع وعي أكبر بخطورة المشروع الديموغرافي للاحتلال الإيراني.
ـ الأبعاد:
الانتفاضة جسّدت رفضاً جماعياً واضحاً لمحاولة تغيير الهوية السكانية والثقافية للأحواز.
أكدت أن القمع الأمني وحده غير قادر على إنهاء الوعي القومي، بل يزيد من حدّته.
مثلت بداية مرحلة جديدة من النضال، انتقل فيها النشاط الأحوازي من الداخل فقط إلى فضاء دولي أوسع عبر منظمات المهجر والإعلام الخارجي.
عكست الانتفاضة أن التغيير الديمغرافي في الأحواز ليس مجرد سياسة محلية، بل جزء من مشروع استراتيجي إيراني يهدف إلى السيطرة الدائمة على الأحواز الغني