مناهضون

حركة رواد النهضة لتحرير الأحواز

مكتب الإعلام

بحوث ودراسات

طردٌ وحرمان من التوظيف .. سياسات إقصاء الأحوازيين من قطاع النفط والغاز

مناهضون

 

 

 

تُعد الأحواز أرضًا غنية بمخزون هائل من النفط والغاز، لكن هذا الرخاء الطبيعي يقابله واقع مرير من التمييز الممنهج والحرمان الاقتصادي الذي يستهدف سكانها العرب الأصليين. فبينما تتصاعد أبراج التنقيب وتنتشر منشآت الغاز الضخمة، يُحرم المواطنون الأحوازيون بشكل ممنهج من فرص العمل في هذه الصناعات الاستراتيجية، مما يعكس سياسات إقصائية تهدف إلى تهميشهم اقتصاديًا وديموغرافيًا.

 

 

الطرد التعسفي وسياسة “الاستبدال الديموغرافي:

تُلقي حالات الطرد الأخيرة لعشرات العمال العرب من شركة غاز الحويزة الضوء مجددًا على هذا الظلم المستمر، مثيرة موجة عارمة من القلق والغضب لدى نشطاء حقوق الإنسان وأهالي المنطقة. هذا الإجراء ليس حدثًا معزولًا، بل هو جزء من سياسة أوسع تُعرف بـ”الاستبدال الديموغرافي” و”التطهير الاقتصادي”.

 

منذ عقود، اتسمت النظرة إلى الأحواز وشعبها العربي بطابع أمني وعنصري. وقد تجسد هذا التوجه في سياسات ممنهجة تهدف إلى تقييد النفوذ الاقتصادي والسياسي للعرب في أراضيهم. ففي مدن مثل الحويزة، الخفاجية، معشور، عبادان، والفلاحية، التي تقع مباشرة فوق مكامن هائلة من النفط والغاز، أصبح إيجاد وظيفة للشباب العربي في هذه الصناعات أمرًا شبه مستحيل. وبدلًا من ذلك، يتم استقدام الكوادر المتخصصة وغير المتخصصة، وحتى المقاولين الرئيسيين، من المحافظات المركزية في إيران كأصفهان ويزد وفارس وطهران وكرمان. لا يقتصر أثر هذا التوجه على سلب فرص العمل من السكان الأصليين فحسب، بل يساهم أيضًا في تغيير التركيبة السكانية، وبالتالي مصادرة الهوية الاقتصادية للمنطقة.

 

إن حادثة طرد عشرات العمال العرب من شركة غاز الحويزة في الشهرين الماضيين هي مثال صارخ على هذه السياسة التمييزية. هؤلاء العمال، الذين يمتلك العديد منهم سنوات من الخبرة والأداء الجيد، فُصلوا من عملهم دون أي تفسير رسمي أو إشعار مسبق. ما يثير القلق بشكل خاص هو الاستبدال الفوري لهؤلاء العمال بأفراد من المحافظات المركزية. لا يمثل هذا الإجراء انتهاكًا صارخًا لحقوق العمال ومبادئ العدالة فحسب، بل هو رسالة واضحة تؤكد نية السلطات الإيرانية في السيطرة الاقتصادية والثقافية الكاملة على المنطقة عبر استبدال الأيدي العاملة المحلية بغير المحلية. وقد أكدت مصادر حقوقية عدة أن الهوية العربية كانت السبب الوحيد وراء فصل هؤلاء العمال.

 

 

البطالة والفقر؛ ضريبة الثروة النفطية:

على الرغم من أن الأحواز تزخر بالنفط والغاز، فقد بلغ معدل البطالة بين سكانها العرب، وخاصة الشباب، مستويات كارثية وغير مسبوقة. هذه الحالة ليست نتيجة لسوء إدارة عشوائي، بل هي حصيلة سياسة ممنهجة ومدروسة.

 

تُصاغ السياسات الداخلية لشركات النفط والغاز، سواء الحكومية أو الخاصة (التي غالبًا ما ترتبط بمؤسسات أمنية وعسكرية)، بطريقة تقلل من توظيف العمالة العربية المحلية إلى أدنى حد ممكن. يتم تنفيذ العديد من مشاريع النفط والغاز عبر مقاولين تابعين للحرس الثوري الإيراني وأجهزة أمنية أخرى. ويفضل هؤلاء المقاولون توظيف عمالة غير محلية، كونها أقل عرضة للاحتجاج على الوضع القائم.

 

أي اعتراضات على هذا التمييز يواجه برد فعل أمني عنيف، يشمل التهديد والاعتقال ورفع القضايا القضائية، مما يساهم في قمع أي مقاومة منظمة ضد السياسات التمييزية. إضافة إلى ذلك، لا تتوفر فرص تدريب مهني وتقني كافية للشباب العربي المحلي لتمكينهم من اكتساب المهارات اللازمة للعمل في صناعات النفط والغاز، مما يوفر ذريعة لعدم توظيفهم.

 

لا تقتصر نتائج هذه السياسات على الفقر والحرمان الاقتصادي داخل المجتمع العربي الأحوازي، بل تؤدي أيضًا إلى استياء اجتماعي عميق، وشعور بالعنصرية والظلم، وفي النهاية إضعاف متزايد للهوية الثقافية والاقتصادية لهذا الشعب في أرضه.

 

في حين تؤكد السلطات الإيرانية على المساواة في الحقوق بين القوميات، فإن الواقع الميداني في الأحواز يروي قصة مختلفة تمامًا. فالعرب الأحوازيون يُحرمون حتى من حق العمل في مدنهم وقراهم. لا يحصلون من شركات النفط والغاز المقامة على أراضيهم سوى على التلوث البيئي، والأمراض المرتبطة بالتلوث، والفقر المتفشي، والقمع. أما الإيرادات الهائلة المتأتية من نفط وغاز الأحواز، فبدلًا من أن تُستثمر في تطوير البنى التحتية للمناطق المحلية وتحسين سبل عيش السكان، تُوجه بشكل أساسي إلى مشاريع عمرانية في المدن الإيرانية المركزية كقم وأصفهان وطهران، بالإضافة إلى دعم “الإرهـــاب” في دول أخرى بالشرق الأوسط.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *