مناهضون
في تطورٍ يعكس تصعيدًا جديدًا في التعاطي الأمريكي مع الملف النووي الإيراني، كشفت تقارير إعلامية عن نية الولايات المتحدة الدفع باتجاه مطلب غير مسبوق خلال المفاوضات المقبلة مع طهران، يتمثل في “التفكيك الكامل” لمنشآت إيران النووية.
هذا الطرح إذا ما تم تثبيته رسميًا من شأنه أن يضع البرنامج النووي الإيراني أمام مفترق طرق وجودي، ويقلب موازين التفاوض الدولية، ويعيد إلى الواجهة مسألة المواقع الحساسة مثل نطنز وفوردو، اللذين لطالما كانا في صلب المواجهة الخفية بين إيران وخصومها.
فبحسب ما أفادت صحيفة نيويورك تايمز، فإن واشنطن ستطالب إيران خلال الجولة المقبلة من المفاوضات بتفكيك شامل ونهائي لجميع منشآتها النووية.
ويشمل هذا التوجه المواقع الرئيسية التي تشكل العمود الفقري لبرنامج التخصيب الإيراني، وأبرزها منشأة نطنز التي تعرّضت لهجمات متعددة خلال السنوات الماضية، سواء عبر الهجمات السيبرانية مثل فيروس “ستاكسنت” الذي طوّرته الولايات المتحدة وإسرائيل واستخدم في 2010، أو من خلال عمليات تخريبية يُعتقد أن إسرائيل نفذتها لاحقًا بشكل متقطع.
ولا يقتصر الطلب الأمريكي على نطنز فقط، بل يشمل أيضًا منشأة فوردو للتخصيب النووي، والتي تتميز بطابعها المحصّن، إذ تقع في عمق جبل داخل قاعدة عسكرية جنوب العاصمة طهران، مما يجعل الوصول إليها وتدميرها تحديًا تقنيًا وأمنيًا بالغ التعقيد.
كما تشير التقارير إلى أن المطالب الأمريكية ستمتد لتطال مواقع أخرى منتشرة في أرجاء إيران، بعضها معلن وبعضها لا يزال موضع جدل استخباراتي دولي.
وسيكون على إيران، بحسب هذا التوجه، أن تسمح بتفكيك تلك المواقع تحت إشراف ومراقبة دوليين، ما يشكل تحولًا جوهريًا عن نمط التفاوض الذي ركّز خلال السنوات الماضية على تقليص أنشطة التخصيب وليس تفكيكها بالكامل.
ويمثل هذا الطرح تحولًا حادًا في الموقف الأمريكي، وربما يعكس توجهًا جديدًا في البيت الأبيض أو محاولة لاستثمار الضغوط المتراكمة على طهران في ظل الأزمة الاقتصادية الداخلية، والاضطرابات الإقليمية، والتوترات مع إسرائيل.
كما أن هذا المطلب قد يعيد إشعال الجدل الدولي حول مستقبل الاتفاق النووي، خصوصًا مع الانقسام الحاصل بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين بشأن كيفية التعامل مع إيران، فضلًا عن التباين في موقف الصين وروسيا، اللتين ترفضان نهج الضغوط القصوى.