مناهضون
عمل الاحتلال الإيراني على مر العقود على محو الهوية الأحوازية من خلال سلسلة من السياسات القمعية والاضطهاد المنهجي، ومع ذلك، بقيت الهوية الأحوازية صامدة، بفضل مقاومة الشعب الأحوازي وإصراره على الحفاظ على تراثه ولغته وثقافته، حيث تبقى الأحواز رمزًا للصراع من أجل البقاء والهوية في وجه الاحتلال الإيراني، في ظل استمرار النضال الأحوازي من أجل الحرية والعدالة.
محاور سياسات محو الهوية الأحوازية
لتحقيق أهدافها، تبنت حكومة الاحتلال الإيراني العديد من الوسائل السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي هدفت إلى القضاء على الهوية الأحوازية العربية، وفيما يلي أبرز هذه السياسات:
سياسة التفريس
بعد السيطرة على الاحواز، شنت سلطات الاحتلال الإيراني حملة واسعة لـ”تفريس” الأحواز، حيث تم تغيير أسماء المدن والبلدات ذات الطابع العربي إلى أسماء فارسية، فعلى سبيل المثال، تم تغيير اسم مدينة “المحمرة” إلى “خرمشهر”، و”عبادان” إلى “آبادان”، كما تم إقصاء اللغة العربية من المناهج التعليمية والإعلام المحلي، لتصبح الفارسية اللغة الرسمية الوحيدة المستخدمة في المؤسسات الحكومية والتعليمية، في محاولة لطمس التراث اللغوي العربي للأهالي.
التضييق على التعليم العربي
اللغة تشكل العمود الفقري للهوية الثقافية لأي شعب، ومن هنا ركزت سلطات الاحتلال الإيراني جهودها على القضاء على التعليم باللغة العربية، فمُنعت المدارس من تدريس اللغة العربية، حتى في المناطق ذات الغالبية العربية، وأجبر الطلاب العرب على التحدث والدراسة بالفارسية فقط، وأدى ذلك إلى ضعف اللغة العربية لدى الأجيال الجديدة، ما انعكس سلبًا على الحفاظ على التراث العربي الأحوازي.
القمع السياسي والاعتقالات
شكّل القمع السياسي أداة رئيسية في تكريس سياسات محو الهوية، فقد تم قمع أي نشاط أو تحرك سياسي يهدف إلى الحفاظ على الهوية الأحوازية أو المطالبة بحقوق السكان العرب، وأي محاولة لتنظيم حركات مقاومة أو تشكيل منظمات ثقافية عربية قوبلت باعتقالات جماعية وإعدامات، واتهم القادة والنشطاء بالانفصالية والخيانة، وغالبًا ما استخدمت دولة الاحتلال الإيراني القوة العسكرية لقمع الانتفاضات التي كانت تنطلق بين الحين والآخر في البلاد.
الإهمال الاقتصادي والتهميش الاجتماعي
رغم أن الأحواز واحدة من أغنى المناطق الإيرانية بمواردها الطبيعية، إلا أن سكانها العرب عانوا من فقر مدقع وتهميش اقتصاد، فالإيرادات النفطية الضخمة التي تنتجها المنطقة لم تُعد إلى أهلها، بل نُقلت إلى الأجزاء الفارسية من إيران، وأدى ذلك إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر بين الأحوازيين، مع غياب الخدمات الأساسية من تعليم وصحة وبنية تحتية، ما ساهم في تعميق معاناة الشعب الأحوازي.
التغيير الديمغرافي الممنهج
سعت إيران إلى تغيير التركيبة السكانية للأحواز عن طريق توطين آلاف الفرس في المنطقة وتشجيعهم على الاستقرار فيها من خلال تقديم حوافز اقتصادية وفرص عمل لهم، بينما تم تهجير العرب من مناطقهم، أو تهميشهم، فالهدف من ذلك كان تحويل الأحواز إلى منطقة ذات أغلبية فارسية، ما يسهم في محو الطابع العربي السكاني للمنطقة.
تحويل مجرى الأنهار وتجفيف الأراضي الزراعية
لم تقتصر سياسات محو الهوية على القمع السياسي والاجتماعي فقط، بل شملت أيضاً تدابير بيئية أدت إلى تهجير الأهالي من أراضيه، فقامت حكومة الاحتلال الإيراني بتحويل مياه نهر كارون إلى مناطق أخرى، ما أدى إلى تدمير الزراعة وتجفيف الأراضي الخصبة التي يعتمد عليها الأحوازيون في معيشتهم، وكانت هذه السياسة جزءًا من خطة لتعميق التهميش الاقتصادي وإضعاف المقاومة الأحوازية من خلال تدمير مصادر رزقهم.
مقاومة الأحوازيين
على الرغم من هذه السياسات القمعية، لم يستسلم الأحوازيون، حيث شهدت البلاد العديد من الانتفاضات والمقاومات ضد الاحتلال الإيراني، كان أبرزها الانتفاضة الأولى في عام 1979 بعد الثورة الإيرانية، حيث خرج الأحوازيون مطالبين بالحكم الذاتي والاعتراف بحقوقهم الثقافية، إلا أن الرد الإيراني كان قاسيًا، حيث قُمع الاحتجاج بوحشية وأعدم المئات من النشطاء.