مناهضون
على امتداد التاريخ الحديث، تقف كل من فلسطين والأحواز شاهداً حيّاً على معاناة الشعوب الواقعة تحت الاحتلال والهيمنة، ورغم تباعد الجغرافيا بينهما، إلا أن القضية المشتركة تجمعهما: مقاومة سياسات القمع والتهجير والطمس الممنهج للهوية الوطنية والثقافية.
ففي الوقت الذي يواجه فيه الفلسطينيون آلة الاحتلال الإسرائيلي، يخوض الشعب الأحوازي نضالاً طويلاً ضد سياسات نظام الاحتلال الإيراني الذي يسعى منذ قرن تقريبًا إلى تفريغ الأحواز من طابعه العربي ودمج هويته قسرًا ضمن مشروع توسعي يفتقر إلى العدالة والشرعية.
ـ فلسطين جرح مفتوح في وجه الاحتلال:
النكبة المستمرة: منذ عام 1948 يعيش الشعب الفلسطيني تحت وطأة التهجير والاحتلال العسكري الإسرائيلي، وما زالت النكبة قائمة بتهجير الملايين من الفلسطينيين وتشريدهم في الشتات.
المقاومة اليومية: يواجه الفلسطينيون سياسات مصادرة الأراضي، والاستيطان المتسارع، وتهويد القدس، والاعتقالات التعسفية، ورغم كل ذلك، تظل المقاومة الشعبية والمسلحة بأشكالها المختلفة حاضرة.
غزة نموذج للصمود: على مدى العقود الماضية، تحولت غزة إلى رمز للثبات رغم الحصار الخانق والحروب المتكررة، حيث دفع المدنيون ثمناً باهظاً من دمائهم وحياتهم اليومية في سبيل الحفاظ على كرامتهم وحقوقهم الوطنية.
ـ الأحواز قضية منسية تحت الهيمنة الإيرانية:
الاحتلال منذ 1925: بعد إسقاط حكم الشيخ خزعل الكعبي عام 1925، سيطرت إيران على الأحواز الغني بالثروات النفطية والمائية، ومنذ ذلك الحين يعاني العرب الأحوازيون من سياسات التمييز والطمس الثقافي.
قمع الهوية العربية: يمنع نظام الاحتلال الإيراني تدريس اللغة العربية، ويلاحق كل من يسعى لإحياء الهوية العربية، كما يفرض تغييرات ديموغرافية عبر تهجير السكان الأصليين وجلب مستوطنين فرس للأحواز.
الثروات المنهوبة: رغم أن الأحواز تعد من أغنى مناطق إيران بالنفط والغاز والمياه، إلا أن سكانها يعيشون الفقر والحرمان، فيما تُوجه الثروات لتمويل مشاريع التوسع الإقليمي لإيران.
الانتفاضات المتكررة: شهد الأحواز انتفاضات عدة، أبرزها في 1979 و2005 و2011، حيث خرج الأحوازيون مطالبين بحقوقهم، لكن سلطات الاحتلال الإيراني واجهتهم بالقمع الدموي والاعتقالات والإعدامات.
ـ قواسم مشتركة بين القضيتين:
الاحتلال والإنكار: الاحتلال الإسرائيلي ينكر حق الفلسطينيين في دولتهم، كما ينكر نظام الاحتلال الإيراني وجود قضية للأحواز.
القمع والتهجير: كلا الشعبين يعاني من التهجير القسري والاعتقال السياسي والمجازر المتكررة.
الهوية المستهدفة: الفلسطينيون يواجهون التهويد، والأحوازيون يواجهون التفريس، وكلاهما يُحرم من ممارسة هويته بحرية.
المقاومة المستمرة: ورغم الفارق في طبيعة الاحتلالين، إلا أن الإصرار على المقاومة يظل الرابط الأهم بين القضيتين.
فالجدير بالذكر أن الأحواز وفلسطين ليستا مجرد قضيتين منفصلتين، بل هما مرآة لمعاناة الشعوب تحت نير الاحتلال والقمع، فكما لم ينجح الاحتلال الإسرائيلي في كسر إرادة الفلسطينيين، لن تنجح سياسات التغيير الديموغرافي والطمس الثقافي في إلغاء هوية الأحواز، إنهما معًا يعكسان حقيقة ثابتة في التاريخ وهي أن إرادة الشعوب أعمق من أن تُقهر، وأن النضال من أجل الحرية والكرامة لا يعرف حدودًا زمنية ولا جغرافية.