مناهضون
منذ عام 2003، بات العراق ساحةً رئيسية لصراع النفوذ بين قوى إقليمية ودولية، وعلى رأسها إيران التي استطاعت أن تؤسس شبكة واسعة من الحلفاء داخل مؤسسات الدولة العراقية وخارجها، هذا النفوذ لم يكن محصورًا في البُعد السياسي فحسب، بل امتد إلى مجالات الاقتصاد والأمن وحتى المجتمع المدني، ليصبح وجودًا متجذرًا ومعقدًا.
وفي ظل الأزمات الداخلية التي يشهدها العراق، تتزايد الدعوات من قوى محلية وإقليمية ودولية لضرورة الحد من الهيمنة الإيرانية، بل وإسقاطها بشكل كامل.
طبيعة النفوذ الإيراني في العراق:
النفوذ السياسي: إيران ساهمت بشكل مباشر في رسم ملامح الحكومات العراقية المتعاقبة من خلال دعم أحزاب سياسية ذات ولاء عقائدي لها.
النفوذ العسكري: عبر فصائل الحشد الشعبي والميليشيات المسلحة، تمتلك طهران ذراعًا قوية على الأرض يصعب تجاوزها.
النفوذ الاقتصادي: من خلال الاستثمارات، وملف الكهرباء والغاز، والتجارة الحدودية، تحولت إيران إلى شريك اقتصادي حيوي للعراق يصعب الاستغناء عنه بسرعة.
النفوذ الديني والاجتماعي: عبر المرجعيات الدينية وشبكات التعليم والحوزات، تمتلك إيران امتدادًا مجتمعيًا يعزز من حضورها الأيديولوجي.
أدوات المواجهة وخطط الحد من النفوذ الإيراني:
ـ الضغط الشعبي الداخلي: الحركات الاحتجاجية العراقية، خصوصًا منذ انتفاضة تشرين 2019، رفعت شعار “إيران برّه”، في مؤشر على رفض جماهيري متزايد للهيمنة الإيرانية.
تصاعد الوعي الشعبي بخطورة تبعية العراق لطهران قد يشكل ورقة ضغط حقيقية على الساسة العراقيين.
ـ الدور الأمريكي والغربي:
واشنطن وحلفاؤها يواصلون دعم جهود بغداد في بناء مؤسسات أمنية وطنية قادرة على تقليص نفوذ الميليشيات.
العقوبات الأمريكية على قادة الفصائل الموالية لإيران تمثل إحدى الأدوات المباشرة لتقويض النفوذ الإيراني.
ـ الانفتاح العربي والإقليمي:
مساعي العراق لتعزيز علاقاته مع دول الخليج ومصر والأردن، تفتح آفاقًا لتقليل الاعتماد الاقتصادي على إيران.
مشاريع الربط الكهربائي والغازي العربي قد تكون بدائل استراتيجية عن الاعتماد شبه الكامل على الطاقة الإيرانية.
ـ إصلاح المؤسسة الأمنية:
حصر السلاح بيد الدولة يعد خطوة جوهرية لضمان تقليص النفوذ العسكري الإيراني.
دمج بعض الفصائل ضمن الجيش الرسمي وفق معايير مهنية قد يسهم في إنهاء حالة “الدولة الموازية”.
العقبات التي تواجه إسقاط النفوذ الإيراني:
عمق الاختراق الإيراني: وجود طهران في مختلف مفاصل الدولة يجعل عملية إضعافها بالغة التعقيد.
الانقسام السياسي العراقي: غياب وحدة الموقف بين القوى السياسية العراقية يضعف فرص التوافق على مواجهة إيران.
ضعف البدائل الاقتصادية: اعتماد العراق الكبير على الغاز والكهرباء الإيرانيين يمثل نقطة ضعف أساسية أمام أي خطط للفك الارتباط.
التوازنات الإقليمية: إيران لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي محاولات لتقليص نفوذها، بل قد تلجأ لتصعيد أمني أو سياسي لإبقاء قبضتها قوية.
السيناريوهات المستقبلية:
ـ نجاح نسبي: قد ينجح العراق في تقليص النفوذ الإيراني جزئيًا عبر تنويع الشراكات الاقتصادية وتعزيز سيادة الدولة، دون قدرة على استئصال النفوذ بشكل كامل.
ـ فشل متجدد: استمرار الانقسام السياسي وتغلغل الميليشيات قد يؤدي إلى استمرار النفوذ الإيراني بل وتعزيزه.
ـ تحول جذري: في حال تضافرت جهود داخلية قوية مع دعم عربي ودولي، ونجحت بغداد في بناء مؤسسات راسخة، فقد يشهد العراق تحولًا استراتيجيًا يحدّ بشكل ملموس من الهيمنة الإيرانية.