مناهضون
وسط جدران شاهدة على وحشية فاقت الوصف، أُزيح الستار عن أحد أكثر المواقع ظلامًا في تاريخ سوريا الحديث، سجن صيدنايا، الذي أصبح رمزًا عالميًا للقمع والتعذيب في ظل نظام بشار الأسد؛ هذا السجن الذي أدارته المؤسسة العسكرية السورية تحت تأثير الحلفاء الإيرانيين، شكل مسرحًا لإعدامات جماعية وانتهاكات ممنهجة استهدفت عشرات الآلاف من الأبرياء منذ انطلاق الانتفاضة الشعبية عام 2011.
تفاصيل المأساة:
بعد تحرير سجن صيدنايا من قِبل المتمردين، تدفق السوريون من مختلف المدن، بينهم المدنيون، المحامون، وحتى فرق الإنقاذ التركية، للبحث عن مصير أحبائهم المفقودين في هذا السجن سيئ السمعة.
وأُتيح للجمهور لأول مرة الوصول إلى هذا المكان الذي كان رمزًا للرعب، حيث فُتحت الزنازين المظلمة، وظهرت متعلقات السجناء المهجورة، وكُشف النقاب عن غرف الإعدام المروعة، التي كانت تشهد شنق ما يصل إلى 50 شخصًا يوميًا وفقًا لتقارير وزارة الخارجية الأمريكية في عام 2017.
وداخل السجن، واجه الباحثون مشاهد صادمة الملابس المبعثرة على الأرض، والمراتب المهترئة، وكلمات محفورة على الجدران مثل “في يوم من الأيام”، تحكي قصص أمل كُتب لها أن تتحطم، خلف هذه الجدران الخرسانية، كان الموت حاضرًا في كل زاوية، وظهر ذلك جليًا في قوائم أسماء السجناء.
سجلات الموت:
عمار البراء، المحامي الذي ارتدى قميصًا أبيضًا ناصعًا ومعطفًا رماديًا، وقف حاملاً في يده سجلات السجن، يقرأ منها أسماء المعتقلين ومصائرهم.
وقال البراء بأسف شديد: “99% ممن طلبت العائلات البحث عنهم ماتوا”، قبل أن يشير إلى السجلات قائلاً: “أُعدم، أُعدم، مات من المرض”.
أما صادق الفلج، أحد سكان دمشق، فقد كان يبحث عن أثر لابن أخيه الذي اختفى منذ عقد من الزمن، بينما كان يقلب الأوراق المتناثرة داخل مكتب إدارة السجن، قال بصوت يملؤه الإحباط: “نحن متفائلون، لكنني أشعر وكأننا نبحث عن إبرة في كومة قش”.
ممارسات قمعية بتأثير إيراني:
وأتاحت الإطاحة بنظام الأسد فرصة للسوريين لمحاسبة حقبة طويلة من الانتهاكات التي طالت الجميع، وتحت تأثير الدعم الإيراني، صعّد النظام من استخدام الاعتقالات والتعذيب الجماعي، ما أدى إلى اختفاء ما يقرب من 100 ألف شخص بحلول عام 2022.
ولم تقتصر الممارسات القمعية على السوريين فقط؛ إذ شملت صحفيين أجانب مثل الأمريكي أوستن تايس، الذي اختفى عام 2012 أثناء تغطيته للأحداث قرب دمشق.
وإلى جانب ذلك، ارتبط اسم النظام باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، ما جعل سجونه، وعلى رأسها صيدنايا، رمزًا وحشيًا يعكس سياسة القمع التي دعمها الحلفاء الإيرانيون.