مناهضون
تشكل سياسات التفريس في الأحواز جزءًا من استراتيجية الاحتلال الإيراني لفرض هيمنته في المنطقة، ورغم قسوة هذه السياسات يظل الشعب الأحوازي متمسكًا بهويته وثقافته العربية.
الأبعاد التاريخية والاستراتيجية للأحواز:
قبل التطرق إلى سياسات التفريس، من المهم فهم السياق التاريخي والجغرافي الذي يجعل الأحواز هدفًا لهذه السياسات.
فالأحواز تقع في منطقة استراتيجية تمتد على الخليج العربي، وتعد بوابة إيران البحرية والتجارية، كما أن الأحواز يحده العراق غربًا، مما يمنحه بُعدًا جيوسياسيًا خاصًا.
ويحتوي الأحواز على 80% من احتياطي النفط الإيراني و60% من الغاز الطبيعي، ويتمتع بموارد مائية غنية مثل نهر كارون، الذي يعد الشريان الحيوي للمنطقة.
كما أن الأحواز هي موطن للعرب منذ القدم، حيث كانت تتبع دولًا وإمارات عربية مستقلة قبل أن تُضم قسرًا إلى إيران، ورغم محاولات الاحتلال، لايزال الطابع العربي حاضرًا بقوة في لهجة السكان، ثقافتهم، وأسلوب حياتهم.
الطمس الممنهج للهوية العربية:
منذ اليوم الأول للاحتلال الإيراني، وضعت السلطات الفارسية مخططًا متكاملاً يهدف إلى القضاء على الهوية العربية في الأحواز، وتتسم هذه السياسات بالتنوع والشمول، حيث طالت مختلف جوانب الحياة:
– تغيير أسماء المدن والمعالم الجغرافية
من أبرز الخطوات التي اتخذتها السلطات الإيرانية لتغيير هوية الإقليم، كانت سياسة تغيير أسماء المدن والقرى، على سبيل المثال:
مدينة المحمرة، عاصمة إمارة عربستان التاريخية، تم تغيير اسمها إلى خرمشهر.
الأحواز تم استبدال اسمها بـ خوزستان، وهو اسم ذو دلالة فارسية.
أسماء القرى، الأنهار، والمناطق الجغرافية تم تحريفها أو استبدالها بأسماء فارسية تهدف إلى طمس الطابع العربي للمنطقة.
– فرض اللغة الفارسية ومنع اللغة العربية
اللغة هي العمود الفقري للهوية الثقافية لأي شعب، ومن هنا ركزت إيران على منع استخدام اللغة العربية في الإقليم:
حُظرت العربية في المدارس، وأصبحت الفارسية اللغة الوحيدة المسموح تدريسها.
تُمنع المنشورات والكتب والصحف العربية، بينما يُعاقب من يُحاول الترويج للغة العربية.
يتم فرض اللغة الفارسية في المؤسسات الحكومية، وحتى في الحياة اليومية.
– تغيير التركيبة السكانية
لجأت إيران إلى سياسات ديموغرافية تهدف إلى إضعاف الأغلبية العربية في الإقليم:
التهجير القسري للعرب: أُجبر آلاف السكان الأحوازيين على مغادرة مناطقهم إلى مناطق أخرى داخل إيران، غالبًا إلى مناطق فقيرة.
التوطين الفارسي: قامت السلطات ببناء مستوطنات خاصة للفرس، وقدمت حوافز مالية ومزايا اقتصادية لجذبهم للإقامة في الإقليم.
سياسة الاستيطان الصناعي: تم إنشاء مصانع ومجمعات صناعية يعمل فيها العمال الفرس القادمون من أقاليم أخرى، مع إقصاء العرب من التوظيف.
– التهميش الاقتصادي والاجتماعي
على الرغم من الثروات الهائلة التي يمتلكها الإقليم، يعاني السكان العرب من الفقر المدقع والبطالة:
يتم تحويل عائدات النفط والغاز إلى الحكومة المركزية في طهران دون أي استفادة حقيقية للسكان المحليين.
يُمنع العرب من تولي مناصب حكومية عليا أو أي مواقع قيادية.
تدهور البنية التحتية في المناطق العربية، مع غياب الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة.
– محو التراث الثقافي العربي
تم تدمير أو تحويل المعالم التاريخية العربية إلى منشآت ذات طابع فارسي.
فرضت إيران قيودًا على إقامة الفعاليات الثقافية والمهرجانات التقليدية العربية.
منع ارتداء الزي العربي التقليدي أو استخدام الأسماء العربية في التسجيلات الرسمية.
◄الآثار الناتجة عن سياسات التفريس:
– تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية
يعاني الأحواز من واحدة من أعلى معدلات الفقر والبطالة في إيران، رغم أنه الأغنى بالثروات الطبيعية، هذا التهميش يفاقم الأوضاع الاجتماعية ويؤدي إلى زيادة الاحتقان بين السكان.
– تآكل الهوية الثقافية
مع مرور الزمن، تُحاول إيران فرض ثقافة هجينة على الأحوازيين، لكن الهوية العربية تظل متجذرة، وهو ما يظهر في المقاومة المستمرة.
– اضطرابات سكانية متكررة
شهد الأحواز عدة انتفاضات وثورات على مدار العقود، تعبيرًا عن رفض السكان لسياسات التفريس، أبرزها انتفاضة عام 2005 التي قمعتها السلطات بوحشية.
◄المقاومة الأحوازية لسياسات التفريس:
– النضال الثقافي
بالرغم من القمع، يواصل الأحوازيون استخدام اللغة العربية وإقامة الفعاليات الثقافية بشكل سري للحفاظ على هويتهم.
– الحركات السياسية والمسلحة
ظهرت حركات مثل حركة رواد النهضة لتحرير الأحواز التي تعمل على مواجهة الاحتلال بكل السبل الممكنة، بما فيها المقاومة المسلحة.
– التوعية الإعلامية والدولية
يعمل الأحوازيون في الخارج على إيصال صوتهم إلى العالم، من خلال حملات إعلامية ومنظمات حقوقية تسلط الضوء على الانتهاكات الإيرانية.