مناهضون
شهدت المواجهة بين إسرائيل وحزب الله تحولات عسكرية غير مسبوقة، حيث استخدمت إسرائيل مزيجًا من التفوق التكنولوجي والهجمات الميدانية لتوجيه ضربات موجعة لخصمها المدعوم من إيران، فالعمليات الإسرائيلية، التي شملت اغتيالات دقيقة، غارات جوية مكثفة، وتوغلات برية خطرة، كانت تهدف إلى شل قدرات الحزب العسكرية وتقليص تهديده لشمال إسرائيل، لكنها خلفت دمارًا هائلًا في جنوب لبنان.
استراتيجية إسرائيل:
اعتمدت إسرائيل على تكتيكات مبتكرة لضرب قدرات حزب الله، فالضربة الأولى التي وُصفت بـ”النقلة النوعية” جاءت في منتصف سبتمبر، عندما انفجرت أجهزة اتصال لاسلكية وأجهزة نداء في أيدي مقاتلي الحزب، ما أدى إلى مقتل العشرات وإصابة المئات.
هذا الهجوم، الذي وصفته منظمة العفو الدولية بأنه يحمل “سمات كابوس ديستوبي”، تسبب في زعزعة الثقة داخل صفوف الحزب وتعطيل شبكة اتصالاته.
وكان الأثر واضحًا في اغتيال قادة بارزين داخل الحزب، بما في ذلك مقتل زعيمه حسن نصر الله في غارة جوية استهدفت موقعه في بيروت.
ويقول محللون إن هذه العمليات كشفت عن مدى قدرة الاستخبارات الإسرائيلية على اختراق التنظيم.
القصف الجوي والتدمير الشامل:
اعتمدت إسرائيل على القصف الجوي المكثف لتدمير البنية التحتية لحزب الله، قُصفت القرى اللبنانية على نطاق واسع باستخدام قنابل خارقة للتحصينات، تزن ألف كيلوجرام، ما أدى إلى تدمير واسع النطاق، خاصة في المناطق الحدودية ووادي البقاع.
وتشير التقارير إلى أن قرى بأكملها، مثل “ميس الجبل”، دُمرت بالكامل جراء ضربات متزامنة أسفرت عن تدمير مئات المنازل، ووفقًا للبنك الدولي، تجاوزت خسائر القطاع السكني 2.8 مليار دولار، مع تدمير أكثر من 99 ألف وحدة سكنية جزئيًا أو كليًا.
وفي نهاية سبتمبر، وافق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على إطلاق عملية “سهام الشمال”، وهي حملة توغل برية تهدف إلى دفع حزب الله للتراجع وإيقاف وابل الصواريخ والقذائف التي أجبرت الآلاف من سكان شمال إسرائيل على النزوح.
وتضمنت العملية إرسال قوات خاصة ومظليين مزودين بتكنولوجيا متقدمة عبر الحدود اللبنانية، ورغم نجاح هذه القوات في ضرب معاقل حزب الله، إلا أنها واجهت مقاومة شرسة، أسفرت عن مقتل عشرات الجنود الإسرائيليين، بينهم ستة من لواء جولاني، في واحدة من أعنف الاشتباكات.
وتسببت هذه الحرب في سقوط أكثر من 3768 قتيلًا في لبنان منذ بدء التصعيد في سبتمبر 2023، وفقًا لوزارة الصحة اللبنانية، بينما نزح أكثر من 886 ألف شخص داخليًا، وفي المقابل، قُتل 45 مدنيًا في شمال إسرائيل ومرتفعات الجولان جراء ضربات حزب الله.
وبعد شهرين من الحرب، توصل الطرفان إلى هدنة لمدة 60 يومًا، على أمل الوصول إلى اتفاق دائم لوقف الأعمال العدائية، حيث يرى الخبراء أن إسرائيل نجحت في تحقيق هدفها الاستراتيجي بإبعاد حزب الله عن شمالها، بينما تكبدت إيران خسائر كبيرة نتيجة تقليص قدرات الحزب.
ومع ذلك، يرى مراقبون أن حزب الله، رغم ضعفه غير المسبوق، لا يزال يشكل تهديدًا محتملاً. ويعتقد محللون أن الوقت الحالي قد يكون فرصة للشعب اللبناني للتحرك ضد الحزب.