مناهضون
تمثل قضية المحمرة أحد الفصول المظلمة في تاريخ دولة الأحواز، حيث شهدت هذه المدينة الباسلة سلسلة من الأحداث المأساوية نتيجة الاحتلال الإيراني المستمر.
تعتبر المحمرة رمزًا لمقاومة الشعب الأحوازي ضد التوسع الإيراني، لكنها أيضًا أصبحت مسرحًا لعمليات قمع عنيفة ومذابح استهدفت سكانها بهدف تغيير الطابع الديمغرافي والثقافي للمدينة.
الاحتلال الإيراني للمحمرة
تعود جذور النزاع على المحمرة إلى مطلع القرن العشرين عندما بدأت الأطماع الإيرانية تظهر في دولة الأحواز الغنية بالموارد، بعد انهيار الدولة العثمانية، سعى الاحتلال الإيراني إلى توسيع نفوذها في المنطقة، مستغلة تراجع القوى العظمى وتضارب مصالحها في الشرق الأوسط.
وفي عام 1925، تمكن الاحتلال الإيراني من ضم الأحواز بشكل غير قانوني، بما فيها المحمرة، وقام بإلغاء الحكم الذاتي الذي كان يتمتع به سكان المنطقة تحت حكم الشيخ خزعل الكعبي.
سياسات التهجير والتطهير العرقي
منذ سيطرتها على المحمرة، اعتمدت سلطات الاحتلال الإيراني على سلسلة من السياسات تهدف إلى تفريغ المدينة من سكانها الأصليين العرب وإحلال سكان فارسيين مكانهم، شملت هذه السياسات:
1. تهجير قسري: أجبرت السلطات الإيرانية العديد من العائلات العربية على مغادرة المحمرة، واستولت على أراضيهم ومنازلهم، ووزعتها على مستوطنين فارسيين.
2. التغيير الديموغرافي: عمدت السلطات إلى بناء مشاريع إسكان ضخمة لجذب السكان الفارسيين إلى المحمرة، بهدف تغيير التركيبة السكانية للمدينة.
3. القمع الثقافي: حُظرت اللغة العربية في المؤسسات التعليمية والإعلام، وأُجبر السكان على استخدام اللغة الفارسية، في محاولة لطمس الهوية الثقافية العربية للسكان.
المذابح والانتهاكات الحقوقية
لم تقتصر سياسات الاحتلال الإيراني على التهجير والتغيير الديموغرافي فحسب، بل تضمنت أيضًا استخدام القوة العسكرية والعمليات القمعية بحق السكان.
حيث كانت أبرز المذابح التي شهدتها المحمرة:
1. مجزرة المحمرة 1979: حيث خرجت مظاهرات واسعة في المحمرة تطالب بحقوق الأحوازيين وإعادة الحكم الذاتي للمنطقة.
قابلت سلطات الاحتلال الإيراني هذه المطالب بالعنف المفرط، حيث قامت القوات العسكرية بإطلاق النار على المتظاهرين وقتلت المئات منهم، وأصابت الآلاف بجروح.
2. حملات الاعتقال والإعدام: استمرت سلطات الاحتلال الإيراني في تنفيذ حملات اعتقال واسعة النطاق بحق الناشطين والمثقفين الأحوازيين، وأصدرت بحقهم أحكام إعدام تعسفية.
الأوضاع الراهنة وتحديات المستقبل
رغم مرور عقود على الاحتلال، لا تزال المحمرة تواجه تحديات كبيرة نتيجة السياسات الإيرانية المستمرة.
حيث يعاني سكانها من التهميش الاقتصادي والاجتماعي، ومن غياب الخدمات الأساسية، كما أن القمع المستمر يزيد من معاناة السكان ويدفع بالكثير منهم إلى الهجرة واللجوء.
الجدير بالذكر أن المحمرة تظل رمزًا للصمود الأحوازي ضد الاحتلال الإيراني، وشاهدًا حيًا على الجرائم والانتهاكات التي ارتُكبت بحق سكانها، ورغم التحديات الكبيرة، يستمر سكانها في النضال من أجل حقوقهم وكرامتهم.