مناهضون
يشهد العراق اليوم مرحلة حرجة في تاريخه الحديث، إذ تتزايد المخاوف الدولية من انعكاسات استمرار هيمنة الفصائل المسلحة والقوى السياسية الموالية لإيران على القرار السياسي، وتأثير ذلك على مستقبل الدولة العراقية.
وتكشف معلومات حديثة عن اجتماعات جرت في بغداد بين دبلوماسيين إيرانيين وزعماء الإطار التنسيقي الشيعي، تهدف بشكل واضح إلى تشكيل حكومة عراقية ذات موقف متشدد تجاه الولايات المتحدة، ودعم نظام أحمد الشرع في سوريا، وهو ما يرفع من سقف القلق الغربي بشأن نفوذ طهران في العراق والمنطقة.
ـ هيمنة الفصائل المسلحة على المشهد السياسي:
يمتلك الإطار التنسيقي الشيعي، الذي يضم فصائل مسلحة موالية لإيران نفوذًا واسعًا على مؤسسات الدولة العراقية، من البرلمان إلى الوزارات الحيوية.
هذا النفوذ لا يقتصر على التأثير في السياسة الداخلية فحسب، بل يمتد إلى صياغة توجهات العراق الإقليمية والدولية.
كما أن استمرار سيطرة هذه الفصائل على مفاصل الدولة يعطل مسار الإصلاح السياسي ويضع العراق في دائرة الانقسامات الداخلية، ويقلل فرص بناء مؤسسات مستقلة وفعالة.
والفصائل المسلحة، التي تمتلك قدرات عسكرية كبيرة، تمثل قوة غير خاضعة للسلطة المركزية بشكل كامل، ما يجعل الأمن الداخلي هشًا ويعرض البلاد لمخاطر تصاعد العنف الطائفي والسياسي، هذه السيطرة شبه المطلقة على الدولة تساهم في ترسيخ نمط من السياسات المتشددة التي قد تؤدي إلى عزلة العراق دوليًا، وتقويض جهوده الاقتصادية والاستثمارية.
ـ التأثير على العلاقات الدولية:
استمرار هذا النفوذ المتشدد يضع العراق في مواجهة مباشرة مع الضغوط الغربية، ويعقد علاقاته مع الولايات المتحدة والدول العربية المعتدلة.
فتشكيل حكومة موالية لطهران ومناهضة للغرب قد يؤدي إلى تقليص الدعم الاقتصادي والاستثماري الدولي، ويزيد من احتمالية فرض عقوبات أو قيود على بغداد، بما يفاقم من التحديات الاقتصادية والمعيشية للمواطنين.
ـ التحديات الاقتصادية والمعيشية:
والعراق يعاني منذ سنوات من أزمات اقتصادية متفاقمة، تشمل نقص الخدمات الأساسية، ارتفاع البطالة، وتراجع الاستثمارات الأجنبية.
وسيطرة الفصائل المسلحة على الاقتصاد عبر النفوذ السياسي والتحكم في الموارد الاستراتيجية، مثل النفط والغاز، تجعل جهود الإصلاح الاقتصادي ضعيفة وغير فعالة.
إضافة إلى ذلك، استمرار عدم الاستقرار السياسي ينعكس سلبًا على ثقة المستثمرين، ويهدد الاستقرار الاجتماعي في مناطق واسعة من البلاد.
إذا استمرت هيمنة الفصائل المسلحة على المشهد العراقي، فإن العراق يواجه خطر الانزلاق نحو دولة ضعيفة غير قادرة على فرض سيادتها على كامل أراضيها، مع احتمال تفاقم الانقسامات الداخلية والصراعات الإقليمية.
ومن الناحية الأمنية، يبقى الملف حساسًا، إذ يمكن أن تؤدي الخلافات بين الفصائل أو تصاعد النفوذ الخارجي إلى توترات داخلية وعسكرية تزيد من هشاشة الدولة.
على الجانب الآخر، هناك إمكانية لإعادة التوازن عبر جهود وطنية ودولية مشتركة، تتضمن دعم المؤسسات المدنية، تعزيز سيادة القانون، وتقييد النفوذ الخارجي والفصائلي.
هذه الخطوات يمكن أن تفتح الطريق أمام عراق أكثر استقرارًا، قادرًا على إدارة ملفاته الداخلية والخارجية بطريقة مستقلة وفعالة.





