مناهضون
منذ أكثر من قرن، وُضعت قضية الأحواز في طي النسيان، رغم أنها تمثل إحدى أبرز قضايا الظلم والاحتلال في المنطقة، ومع مرور الزمن، بقيت الأحواز بعيدة عن الأضواء، في ظل نزاعات إقليمية وتحديات جيوسياسية أخرى، ولكن هذا لا يلغي أهمية هذه القضية، التي بات حلها مطلباً ملحاً لكل العرب الساعين لتحقيق العدالة والحرية للشعوب المظلومة.
تاريخ القضية:
تبدأ قصة الأحواز مع استقلالها كإمارة عربية مستقلة تحكمها عائلة الكعبي حتى عام 1925، حين غزتها إيران بزعامة رضا شاه بهلوي، لتصبح جزءاً من إيران الحديثة، ومنذ ذلك الحين، بدأت سلطات الاحتلال الإيراني سياسة ممنهجة لتغيير هوية المنطقة من خلال قمع اللغة العربية، وتغيير أسماء المدن والقرى العربية، والقيام بحملات تهجير للسكان العرب من مناطقهم الأصلية.
ولم يكن الاحتلال الإيراني للأحواز مجرد سيطرة عسكرية، بل شمل أيضاً محاولات مستمرة لطمس الهوية العربية لهذه المنطقة الغنية بالنفط والموارد الطبيعية، وخلال العقود التي تلت الاحتلال، تعرض الشعب الأحوازي لشتى أنواع الاضطهاد من تعذيب وسجن وتهجير قسري، مما أدى إلى اندلاع عدة ثورات وانتفاضات ضد نظام الاحتلال الإيراني، أبرزها الانتفاضة الأحوازية الأولى في عام 1979 بعد الثورة الإسلامية.
الأهمية الجيوسياسية للأحواز:
تعتبر الأحواز ذات أهمية استراتيجية بالغة بسبب موقعها الجغرافي وثرواتها الطبيعية، فهي تقع في منطقة غنية بالنفط وتضم عدداً كبيراً من حقول النفط والغاز التي تعتبر مصدر دخل رئيسي لإيران.
إضافة إلى ذلك، تقع الأحواز على شريط ساحلي يطل على الخليج العربي، مما يجعلها بوابة إيران إلى المياه الدافئة.
وتدرك إيران جيداً أهمية الأحواز، ولذلك فإنها لم تتوانَ عن فرض سياسات التمييز العنصري والتهجير القسري للعرب، بهدف تغيير التركيبة السكانية في المنطقة.
كما قامت ببناء مشاريع مائية لتحويل مجرى الأنهار من الأحواز إلى المحافظات الإيرانية الأخرى، مما أدى إلى تجفيف الأراضي الزراعية وتدهور الأوضاع المعيشية للسكان العرب.
المعاناة اليومية للأحوازيين:
يعيش العرب الأحوازيون اليوم في ظل نظام قمعي ينكر عليهم حقوقهم الأساسية، ويمنعون من استخدام لغتهم الأم في المدارس والمؤسسات الحكومية، وتُفرض عليهم قيود صارمة فيما يتعلق بحرية التعبير والتجمع.
علاوة على ذلك، يعاني الأحوازيون من الفقر والبطالة بسبب استغلال ثروات منطقتهم لصالح الدولة الإيرانية، في حين يُحرمون من الاستفادة منها.
والأمر لا يتوقف عند التهميش الاقتصادي والثقافي، بل يتعداه إلى القمع السياسي، فقد قامت سلطات الاحتلال الإيراني باعتقال الآلاف من الناشطين الأحوازيين وإعدام بعضهم بتهم تتعلق بالنشاط السياسي والمطالبة بالحقوق القومية.
هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا، وسط صمت دولي وعربي غير مبرر.
الموقف العربي:
وبالرغم من أن الأحواز هي جزء لا يتجزأ من العالم العربي، إلا أن قضايا العرب الأخرى مثل فلسطين واليمن وسوريا طغت على القضية الأحوازية، مما أدى إلى تهميشها في الأوساط السياسية والإعلامية العربية.
وعلى الرغم من أن بعض الدول العربية، خصوصاً في الخليج العربي، تدرك أهمية الأحواز وتدعم قضيته بشكل غير مباشر، إلا أن هذا الدعم يجب أن يتزايد لإحداث تغيير حقيقي.
لماذا يجب حل القضية؟
تعتبر قضية الأحواز قضية قومية عربية، ولا يجب أن تظل مهملة، حيث يتوجب على الدول العربية والمؤسسات الدولية الضغط على إيران لإنهاء احتلالها للأحواز، والسماح للشعب الأحوازي بتقرير مصيره.
وحل هذه القضية ليس فقط تحقيقاً للعدالة، بل هو أيضاً خطوة استراتيجية لتقليل النفوذ الإيراني في المنطقة.
فتحتل الأحواز موقعاً حيوياً في استراتيجية إيران، والسيطرة على هذه المنطقة تتيح لإيران بسط نفوذها على الخليج العربي والاستفادة من ثروات المنطقة بشكل مباشر، وتحرير الأحواز من الاحتلال الإيراني سيضعف قدرة إيران على التأثير في المنطقة، ويعيد للعرب إحدى أهم مناطقهم الجغرافية والثقافية.