مناهضون

حركة رواد النهضة لتحرير الأحواز

مكتب الإعلام

بحوث ودراسات

عصائب أهل الحق.. ميليشيا الدم الإيرانية في العراق

مناهضون

 

 

منذ سقوط نظام صدام حسين في 2003، والعراق يشهد صراعات داخلية واضطرابات أضعفت مؤسساته وأدت إلى انهيار الأمن والاستقرار.

وفي خضم هذا الفراغ الأمني والسياسي، تدخلت إيران بشكل مكثف في الشأن العراقي، مستغلة ضعف الدولة وتشتت القوى السياسية، ولم يكن التدخل الإيراني في العراق من باب الصدفة أو نتيجة للأحداث الجارية، بل كان جزءًا من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى فرض الهيمنة على المنطقة.

وإحدى أبرز أدوات هذه الاستراتيجية كانت الميليشيات المسلحة، التي عملت كقوة ضاربة لتحقيق أهداف إيران، وتعد “عصائب أهل الحق” إحدى أهم هذه الأدوات، حيث لعبت دورًا محوريًا في نشر الفوضى والإرهاب، مما جعلها رمزا للاحتلال الإيراني للعراق.

 

 

ولادة ميليشيا على يد طهران

تأسست عصائب أهل الحق كجماعة منشقة عن جيش المهدي، الذي كان يتبع لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، في عام 2004.

حيث جاءت هذه الانشقاقات بدعم إيراني مباشر، حيث سعت طهران إلى خلق تنظيمات موالية لها بالكامل، تعمل وفقًا لأجندتها.

ولم يقتصر دعم إيران لهذه الجماعة على الجانب المالي والتسليحي فقط، بل قدمت لها التدريب المكثف في قواعدها داخل إيران، وتحت إشراف مباشر من فيلق القدس التابع للحرس الثوري.

كما تطور دور عصائب أهل الحق بسرعة، لتصبح من بين أكثر الميليشيات وحشية وتأثيرًا في العراق، حيث نفذت هجمات وعمليات اغتيال استهدفت القواعد الأمريكية، ومعارضي النفوذ الإيراني.

 

 

الدعم الإيراني وتمويل الإرهاب وتوسيع النفوذ

لا يمكن فهم دور عصائب أهل الحق في العراق دون الإشارة إلى الدعم الإيراني الكبير الذي تلقته، فإيران لم تكتفي بتزويد هذه الميليشيا بالأسلحة والتدريب، بل قدمت لها دعماً سياسياً ودبلوماسياً، مما أتاح لها التحرك بحرية داخل العراق.

كما تعتبر إيران عصائب أهل الحق جزءًا من استراتيجيتها الإقليمية لتوسيع نفوذها، حيث تستخدمها كأداة لتحقيق أهدافها، سواء من خلال زعزعة الاستقرار، أو الضغط على الحكومات العراقية، أو شن هجمات إرهابية تزعزع الأمن.

وبهذا الصدد، يمكن القول إن عصائب أهل الحق ليست مجرد ميليشيا محلية، بل هي ذراع من أذرع الحرس الثوري الإيراني، تعمل بتناغم مع سياساته التوسعية.

 

 

إرهاب ممنهج برعاية إيرانية

ارتكبت عصائب أهل الحق سلسلة من الجرائم والانتهاكات التي تتراوح بين القتل والخطف والتعذيب، ولم تستثني في ذلك المدنيين الأبرياء.

وكانت هذه الجماعة مسؤولة عن العديد من عمليات الاغتيال التي استهدفت شخصيات سياسية ودينية وعسكرية، فضلاً عن استهداف الطوائف السنية والأقليات الدينية، مثل المسيحيين واليزيديين.

كما ارتبط اسم الجماعة بمذابح وحشية، وبأساليب تعذيب لا إنسانية تهدف إلى بث الرعب في قلوب معارضيها، واستغلت هذه الميليشيا قوتها العسكرية لفرض الأتاوات والابتزاز المالي على رجال الأعمال وأصحاب الشركات، مما زاد من هيمنتها الاقتصادية على المناطق التي تسيطر عليها.

 

 

استخدام الديمقراطية كغطاء للهيمنة

لم يكن نشاط عصائب أهل الحق مقتصرًا على الجانب العسكري، بل توسعت لتدخل الساحة السياسية، مستخدمةً الديمقراطية العراقية الهشة كغطاء لتحقيق أهدافها.

وعبر تشكيل حزب سياسي ودخول الانتخابات، تمكنت الجماعة من الحصول على مقاعد في البرلمان، مما أتاح لها التأثير في صنع القرار السياسي، واستخدمت عصائب أهل الحق نفوذها البرلماني لتعزيز مصالح إيران، من خلال دعم تشريعات تصب في مصلحة حلفائها، وعرقلة أي محاولات للتقليل من النفوذ الإيراني.

فهذه الاستراتيجية المزدوجة، التي تجمع بين السلاح والسياسة، جعلت من عصائب أهل الحق لاعبًا رئيسيًا في المشهد العراقي، وعمقت من أزمة الثقة بين المكونات السياسية.

 

 

الأجندة الإيرانية في العراق

تعكس أنشطة عصائب أهل الحق الدور الأوسع لإيران في المنطقة، حيث تسعى طهران إلى تحويل العراق إلى منطقة نفوذ خاضعة بالكامل لسيطرتها.

وتعمل إيران من خلال دعمها لهذه الميليشيات على تنفيذ مشروعها التوسعي، الذي يهدف إلى إنشاء ممر بري يربط بين طهران وبيروت، مرورًا بالعراق وسوريا.

هذا الممر لا يوفر فقط عمقًا استراتيجيًا لإيران، بل يتيح لها نقل الأسلحة والمقاتلين بحرية، وتوسيع دائرة نفوذها وصولاً إلى البحر المتوسط، وتسعى إيران أيضًا إلى استخدام العراق كساحة لتصفية حساباتها مع الولايات المتحدة وحلفائها، وتحويل البلاد إلى قاعدة متقدمة لتهديد دول الخليج العربي.

 

 

التحديات أمام الحكومة العراقية

تمثل عصائب أهل الحق وغيرها من الميليشيات الموالية لإيران تحديًا كبيرًا أمام الحكومة العراقية، التي تجد نفسها عاجزة أمام قوة هذه الجماعات المدعومة من الخارج.

حيث إن وجود هذه الميليشيات يعرقل جهود بناء الدولة، ويقوض من سيادة القانون، ويعزز من الانقسامات الطائفية.

كما أن هذه الجماعات تفرض نفسها كقوة موازية للدولة، ترفض الانصياع للأوامر وتحتفظ بترسانتها من الأسلحة، مما يجعل أي محاولات لنزع السلاح أو فرض سلطة الدولة عليها أمرًا بالغ الصعوبة.

يذكر أنه لا شك أن عصائب أهل الحق تمثل أحد أخطر أذرع إيران في العراق، حيث تعمل على تنفيذ أجندة توسعية تهدد أمن واستقرار المنطقة، والتحدي الأكبر الذي يواجه العراق اليوم يكمن في كيفية التخلص من النفوذ الإيراني، واستعادة سيادته وبناء دولة قوية تقوم على أسس الديمقراطية واحترام القانون.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *