مناهضون
في ظل التوترات الإقليمية والدولية، يمثل مقتل إسماعيل هنية، رئيس حركة حماس، حدثًا مفصليًا في العلاقات بين إيران وإسرائيل، ويثير تساؤلات حول سبب تردد إيران في الرد على هذه الحادثة، فمع كل لحظة تمر دون انتقام، تتزايد التكهنات حول ما يمنع إيران من الرد.
وقد تفسر هذا التردد من ثلاث زوايا رئيسية: السياسة الداخلية الإيرانية، البنية الأمنية للنظام، والدبلوماسية الإقليمية والدولية.
السياسة الداخلية الإيرانية
في السياق الداخلي، يبدو أن الأولوية القصوى للنظام الإيراني هي الحفاظ على استقراره وتجنب اندلاع احتجاجات شعبية واسعة قد تهدد بقاءه.
ومن هذا المنطلق، يمكن تحليل التردد الإيراني في الرد على مقتل هنية وفقًا لثلاثة مخاوف رئيسية:
الوقوع في فخ إسرائيلي: يخشى النظام الإيراني أن يجره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى حرب على أراضيه، ما قد يؤدي إلى تعرض البنية التحتية الحيوية في إيران لضربات مدمرة، هذه المخاوف تتفاقم مع الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها المواطنون الإيرانيون، مما يجعل النظام حذرًا من إشعال غضب شعبي قد ينفجر في حال تضررت الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والوقود.
إضعاف النظام: يدرك المسؤولون الإيرانيون أن الدخول في حرب غير مرغوبة شعبياً قد يضعف النظام ويعزز من حركة المعارضة، والنظام يحاول الحفاظ على استقراره الداخلي في ظل أوضاع اقتصادية صعبة وأزمات متعددة.
خطر حركة السلام: يخشى النظام الإيراني من أن تؤدي الحرب إلى تنامي حركة السلام داخل البلاد، وهي حركة قد تقوض طموحاته التوسعية في المنطقة، ولذا، يبدو أن النظام يحاول تجنب أي مواجهة واسعة النطاق قد تؤدي إلى إحياء مثل هذه الحركة.
ثانيًا: البنية الأمنية والعسكرية للنظام
البنية الأمنية للنظام الإيراني تلعب دورًا كبيرًا في تردد اتخاذ قرار الرد، فبعد سقوط مروحية الرئيس السابق إبراهيم رئيسي وفشل حكومته في تلبية تطلعات الشعب، أدرك المرشد الأعلى علي خامنئي الحاجة إلى استعادة بعض الكفاءات الإدارية من الإصلاحيين.
ومع ذلك، فإن الإصلاحيين ليسوا مؤيدين لخلق المزيد من التوتر مع الغرب وإسرائيل.
وداخل الأجهزة الأمنية والعسكرية، هناك خلافات حول طبيعة الرد وتوقيته، بينما يدفع بعض المسؤولين باتجاه الرد الحازم، يفضل آخرون ضبط النفس لتجنب تصعيد قد يكون له عواقب وخيمة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الخيارات المتاحة أمام إيران محدودة بسبب الاعتماد الكبير على الطائرات المُسيّرة والصواريخ، والتي أثبتت فشلها في بعض العمليات الأخيرة.
ثالثًا: الدبلوماسية الإقليمية والدولية
على الصعيد الدولي، يبدو أن تأخر الرد الإيراني يعود إلى عدة عوامل دبلوماسية:
تنسيق مع دول المنطقة: تسعى إيران إلى تجنب مآسٍ مثل إسقاط الطائرة الأوكرانية، لذا قد تأخذ وقتًا أطول لتنسيق خطواتها مع دول المنطقة.
التفاوض مع القوى الإقليمية: إيران قد تتفاوض مع دول مثل روسيا حول كيفية الرد أو نطاقه، أو حتى للحصول على دعم لوجستي أو معلوماتي.
تحذيرات الغرب: إيران تزن الفوائد والخسائر المحتملة لأي رد في ظل التحذيرات الغربية، مما قد يدفعها إلى تأجيل الرد أو تقليصه.
استبدال القيادات: قد ترى إيران في يحيى السنوار، الزعيم الجديد لحماس، خيارًا أفضل على الصعيد الدبلوماسي، مما قد يدفعها إلى قبول استبدال هنية دون رد عسكري كبير.