مناهضون
منذ أكثر من تسعة عقود، يعيش الشعب العربي الأحوازي تحت وطأة الاحتلال الإيراني الذي لم يكتفي بحرمانه من أبسط حقوقه السياسية والاقتصادية، بل استخدم ضده أدوات القمع والعنف الممنهج لإخماد صوته المطالب بالحرية والكرامة.
ومع تصاعد موجات الاحتجاج الشعبي في السنوات الأخيرة، برزت سياسة استخدام القوة المفرطة كخيار رئيسي في استراتيجية نظام الاحتلال الإيراني تجاه الأحواز، في محاولة يائسة لتثبيت قبضته الأمنية على إقليم يرفض الخضوع للهيمنة ويصر على هويته العربية.
ـ القمع الممنهج واستراتيجية التخويف:
تعتبر سياسة القمع في الأحواز جزءًا من منظومة أمنية متكاملة وضعتها طهران لتكميم الأصوات المعارضة.
فمنذ انتفاضة عام 1979 وحتى اليوم، واجه المحتجون الأحوازيون نيران البنادق بدلاً من آذانٍ تصغي لمطالبهم المشروعة.
وقد وثّقت منظمات حقوق الإنسان الدولية العديد من الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الأمن الإيرانية بحق المدنيين الأحوازيين، من الاعتقالات العشوائية إلى الإعدامات الميدانية والإخفاء القسري، إضافة إلى التعذيب الوحشي داخل السجون السرية.
وتستخدم سلطات الاحتلال الإيراني هذه الأساليب لبث الرعب بين السكان ودفعهم إلى الصمت، مستندة إلى سياسة العقاب الجماعي التي تستهدف القرى والمناطق التي تشهد احتجاجات أو نشاطًا سياسياً.
ـ تكميم الإعلام المحلي وتجريم الانتماء:
في إطار سعيها لإخفاء الحقيقة، تعمل إيران على إغلاق المجال الإعلامي الأحوازي بكل وسيلة ممكنة.
فالمراسلون المحليون يتعرضون للاعتقال فور نشر أي مادة تتعلق بالقضية الأحوازية، بينما يتم فرض رقابة إلكترونية صارمة على منصات التواصل الاجتماعي لمنع تداول صور أو مقاطع توثق القمع.
حتى الهوية الثقافية واللغوية لم تسلم من الهجوم؛ إذ تعتبر طهران التحدث بالعربية في المؤسسات التعليمية أو الحكومية مخالفة أمنية، ما يعكس مدى الخوف الذي يسيطر على النظام من بقاء الوعي الجمعي العربي الأحوازي حيًا.
ـ الانتفاضات المتكررة وردود الفعل الدموية:
شهدت السنوات الأخيرة، ولا سيما منذ عام 2018، عدة موجات احتجاجية في الأحواز ضد سياسات التمييز ونهب الموارد وتجفيف الأنهار الأحوازية.
وردت قوات الاحتلال الإيراني على هذه التحركات بعنفٍ مفرط، حيث استخدمت الذخيرة الحية والغازات السامة لتفريق المتظاهرين، وأسفرت تلك المواجهات عن عشرات القتلى ومئات الجرحى والمعتقلين.
وتؤكد شهادات محلية أن القوات الخاصة التابعة للحرس الثوري شاركت في عمليات مداهمة ليلية للمنازل، تم خلالها اقتياد شباب من عائلاتهم دون مذكرات توقيف، في مشهد يعيد إلى الأذهان أساليب الأنظمة القمعية في أحلك فصول التاريخ.
ـ التستر على الجرائم ومنع الرقابة الدولية:
ترفض إيران السماح للمنظمات الحقوقية الدولية بدخول الأحواز، وتمنع أي تحقيق مستقل في الانتهاكات الجسيمة التي تُرتكب هناك.
كما تواصل نشر روايات رسمية مضللة لتبرير جرائمها، واصفة المحتجين بأنهم عملاء للخارج أو إرهابيون، وهي تهمة جاهزة لتبرير القمع وتلميع صورة النظام أمام الرأي العام الداخلي.
ومع ذلك، تمكنت تقارير أممية ومنظمات دولية مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش من توثيق استخدام سلطات الاحتلال الإيراني للقوة المفرطة بشكل ممنهج ضد السكان العرب في الأحواز، مؤكدة أن ما يجري يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية.
ـ إرادة لا تُقهر رغم القمع:
رغم القبضة الحديدية وسياسة القمع الدموي، ما زال الصوت الأحوازي يعلو رافضًا الاستسلام لهيمنة المحتل الإيراني.
فكل طلقة تطلقها قوات الاحتلال لا تُطفئ روح المقاومة، بل تشعل جذوة جديدة في نفوس أبناء الأحواز الذين يدركون أن طريق الحرية قد يكون طويلًا، لكنه حتمي.
ويبقى استخدام القوة المفرطة، مهما اشتد، سلاح الضعفاء أمام الشعوب الحرة التي تعرف أن الكرامة لا تُشترى، وأن الهوية لا تُمحى مهما حاول الطغاة.





