مناهضون
في خطوة تضاف إلى سلسلة سياسات الاحتلال الإيراني في الأحواز، يظهر مخطط “إسكان القبائل” كأداة مدمرة تهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للمنطقة بشكل جذري، هذا المخطط لا يعكس فقط استهدافًا مباشرًا للهوية الأحوازية، بل هو جزء من مشروع طويل الأمد يسعى لإضعاف الشعب الأحوازي وتذويب ثقافته ولغته في بوتقة السيطرة الإيرانية.
حيث يهدف الاحتلال الإيراني من خلال توطين قبائل اللورية والفارسية غير أحوازية إلى تقليل عدد السكان الأصليين في الأحواز، مما يعزز هيمنتها على المنطقة ويسهل من تنفيذ مشاريعها الاستيطانية، فالتركيبة السكانية الجديدة ستكون أكثر ولاءً لنظام الاحتلال الإيراني، مما يجعل من الصعب على الأحوازيين الحفاظ على حقوقهم الثقافية والسياسية.
وعبر إسكان هذه القبائل، يسعى الاحتلال إلى تعزيز نفوذها في مناطق الأحواز التي تشهد مقاومة شديدة من قبل السكان الأصليين، ويعتبر هذا التكتيك جزءًا من خطة لتوسيع دائرة الموالين للنظام داخل الإقليم، مما يسهم في تثبيت قبضتها على المنطقة.
ويهدف المخطط إلى تدجين المجتمع الأحوازي من خلال فرض واقع ثقافي وديموغرافي جديد، فإن إسكان القبائل يساهم في تعزيز تواجد ثقافات أخرى قد تُلغي أو تهمش الهوية العربية الأحوازية، وهو ما يؤدي إلى انقطاع الروابط التاريخية بين الأحوازيين وأرضهم.
وتحت مظلة هذه السياسة، تسعى ما تسمى بإيران إلى السيطرة على أراضي الأحواز الزراعية والموارد الطبيعية الغنية في المنطقة، وتوطين القبائل في هذه المناطق يتيح لها التحكم بشكل أكبر في الثروات الأحوازية واستغلالها لصالح النظام الإيراني على حساب السكان الأصليين.
فتقوم سلطات الاحتلال الإيراني بنقل مجموعات كبيرة من القبائل من مناطق مختلفة داخل إيران إلى المدن والبلدات الأحوازية، ويتم تقديم العديد من الحوافز مثل الأراضي الزراعية والمساعدات الاجتماعية لتشجيع هذه القبائل على الانتقال إلى الأحواز.
كما تنفذ إيران سياسة تهدف إلى منح الأراضي الزراعية للمستوطنين الجدد، وهو ما يزيد من الضغط على الأراضي التي يمتلكها السكان الأحوازيون، ويؤدي إلى تقليص المساحات المتاحة لهم للعمل والزراعة.
ويشمل المخطط منح مزايا متعددة للمستوطنين مثل التعليم المجاني، العلاج الصحي، والإعانات المالية، بهدف تسريع عملية دمجهم في المجتمع الأحوازي وإضعاف مقاومة السكان المحليين لهذه السياسة.
ويواجه الأحوازيون تهديدًا اقتصاديًا خطيرًا من خلال فقدان أراضيهم ومواردهم الطبيعية لصالح المستوطنين الجدد، هذا يساهم في زيادة معدلات البطالة والفقر بين السكان الأصليين، مما يعمق من معاناتهم الاقتصادية.
ومع تصاعد أعداد المستوطنين من غير الأحوازيين، يواجه الأحوازيون خطرًا حقيقيًا بفقدان هويتهم الثقافية واللغوية، فإن تعزيز ثقافات ولغات أخرى في هذه المناطق يعرض ثقافة الأحواز للتآكل، خصوصًا مع تغييب اللغة العربية في المدارس والمؤسسات الرسمية.
وأيضاً يساهم التوسع السكاني غير المتوازن في زيادة التوترات بين الأحوازيين والمستوطنين الجدد، هذا يؤدي إلى نشوب صراعات على الأراضي والموارد، ويزيد من حالة عدم الاستقرار الاجتماعي في الإقليم.
وفي إطار هذا المخطط، يتم دفع العديد من الأحوازيين إلى الهجرة أو التهجير القسري من مناطقهم، مما يؤدي إلى تراجع عددهم في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية.
ورغم خطورة المخطط الذي تنفذه إيران في الأحواز، إلا أن المجتمع الدولي لا يزال غير قادر على اتخاذ خطوات فاعلة لوقف هذه السياسات التوسعية، وتجاهل هذه السياسات من قبل المنظمات الدولية يزيد من معاناة الشعب الأحوازي، ويترك إيران تمارس سيطرتها بدون رادع.
فمن الضروري أن يتم توجيه ضغوط دبلوماسية على حكومة الاحتلال الإيراني لوقف عمليات التوطين والتهجير القسري التي تهدد هوية الشعب الأحوازي وحقوقه الأساسية.