مناهضون

حركة رواد النهضة لتحرير الأحواز

مكتب الإعلام

بحوث ودراسات

في ذكرى احتلال الأحواز.. كيف احتلت إيران الأرض الطاهرة؟

مناهضون

 

 

 

في العشرين من أبريل من كل عام، يستعيد الشعب العربي الأحوازي ذكرى أحد أكثر فصول التاريخ العربي إيلامًا، حين اجتاحت قوات الاحتلال الإيراني أرض الأحواز وفرضت عليها الهيمنة الفارسية بقوة السلاح والمؤامرة، تمرّ الذكرى هذا العام وقد دخل الاحتلال عامه المئة إلا أشهرًا قليلة، لكن الجراح ما زالت مفتوحة، والمقاومة لم تخمد، والحق لم يمت.

 

 

 

فاحتلال الأحواز لم يكن مجرد ضمّ جغرافي، بل كان اقتلاعًا ممنهجًا لهوية أمة عربية تمتد جذورها في التاريخ، وتفيض أرضها بالخيرات والثروات، لكنها اليوم تُعامل كأقلية مهمشة داخل دولة لا تعترف بوجودها القومي، ولا تكفّ عن قمعها بكل الوسائل.

 

 

 

خلفية تاريخية:

الأحواز سكنها العرب منذ عصور ما قبل الإسلام، وازدادت هويتها العربية وضوحًا بعد الفتح الإسلامي في القرن السابع الميلادي، حين أصبحت جزءًا من الخلافات الإسلامية المتعاقبة.

وفي العصر الحديث، برزت الأحواز ككيان شبه مستقل تحت حكم أسر عربية أبرزها آل كعبي، الذين أداروها في إطار نظام إماراتي محلي، كانت له علاقات مع الدولة العثمانية وبريطانيا، واحتفظ بدرجة من السيادة الداخلية.

وبلغت هذه السيادة ذروتها في عهد الشيخ خزعل الكعبي، الذي عُد من أبرز الشخصيات العربية في الخليج أوائل القرن العشرين، أدار خزعل الأحواز بحكمة وحنكة، واستطاع أن يوازن بين القوى الكبرى، إلى أن بدأت إيران الحديثة بقيادة رضا خان تخطط للسيطرة الكاملة على الأحواز لما يحتويه من موقع استراتيجي وثروات هائلة، خاصة بعد اكتشاف النفط فيه عام 1908.

تواطأت بريطانيا، التي كانت تبحث عن استقرار نفوذها في المنطقة، مع إيران على إسقاط الحكم العربي.

وفي 1925، نفّذت القوات الإيرانية عملية غادرة انتهت باعتقال الشيخ خزعل، وإسقاط الكيان العربي المستقل، وفرض سيطرة كاملة على الأحواز.

 

 

تفاصيل الاحتلال وضم الأحواز:

دخلت قوات الاحتلال الإيراني إلى الأحواز دون مقاومة تُذكر، مستغلة انشغال الشيخ خزعل بمحادثات سياسية في البصرة.

ومع وصوله إلى طهران بدعوة رسمية من الشاه، جرى اعتقاله ووضعه قيد الإقامة الجبرية حتى وفاته في ظروف غامضة عام 1936.

بعد أيام، أعلنت سلطات الاحتلال الإيراني ضم الأحواز رسميًا، وأصدرت قرارًا بتغيير اسمه من “عربستان” إلى “خوزستان”، في محاولة لمحو الهوية العربية، كما أُلغيت جميع المؤسسات المحلية، وتم تعيين إدارات فارسية لإدارة شؤون البلد.

 

 

ثروات منهوبة وأرض مستباحة:

يُعد الأحواز من أغنى المناطق بالثروات الطبيعية في إيران، حيث يحتوي على أكثر من 80% من النفط والغاز الإيراني، إلى جانب أنه يشكل العمود الفقري لشبكات المياه والطاقة في البلاد، ويضم نهر كارون، النهر الوحيد الصالح للملاحة في إيران.

ورغم هذا الغنى، يعاني الشعب الأحوازي من الفقر والتهميش، حيث تحرم السلطات السكان العرب من أي استفادة من ثروات أرضهم، بل ويتم تجفيف الأنهار وتوجيهها إلى المحافظات الفارسية، ما أدى إلى أزمة عطش وزراعات مدمرة، وهجرة قسرية لأعداد كبيرة من السكان.

 

 

سياسات الطمس والاضطهاد:

منذ لحظة الاحتلال وحتى اليوم، تنتهج الأنظمة الإيرانية المتعاقبة سياسات تهدف إلى تفريس الأحواز وإلغاء طابعها العربي، أبرز تلك السياسات:

منع تدريس اللغة العربية في المدارس والمؤسسات، رغم أنها لغة رسمية معترف بها في الدستور الإيراني.

تغيير أسماء المدن العربية مثل المحمرة والخفاجية والحويزة إلى أسماء فارسية.

التهجير القسري للعرب من مدنهم وقراهم، وبناء مستوطنات فارسية مكانها.

التمييز في التوظيف والتعليم والخدمات الصحية، وتهميش العرب في أجهزة الدولة.

اعتقال وإعدام النشطاء والمثقفين، وفرض الرقابة الشديدة على أي تعبير عن الهوية الأحوازية.

 

 

الانتفاضات والمقاومة الأحوازية:

لم يقبل الشعب الأحوازي بالاحتلال يومًا، فشهدت المنطقة عشرات الانتفاضات، كان أبرزها:

انتفاضة 1979 بعد الثورة الإيرانية، حيث طالب العرب باستعادة حقوقهم الثقافية والسياسية، فقوبلت بوحشية دموية.

انتفاضة نيسان 2005 احتجاجًا على خطة تهدف لتغيير التركيبة السكانية، وقُتل فيها العشرات واعتُقل المئات.

احتجاجات 2011، و2018، و2021 التي رُفعت فيها شعارات الحرية والكرامة، وواجهتها السلطات بالعنف والتعتيم الإعلامي.

كما تنشط العديد من الحركات التحررية الأحوازية والتي تسعى لإيصال صوت الأحوازيين إلى المجتمع الدولي.

 

 

الموقف العربي والدولي:

رغم أن القضية الأحوازية تمثل نموذجًا واضحًا للاستعمار الحديث، فإن الموقف الرسمي العربي ظل غائبًا أو ضعيفًا في أحسن الأحوال.

ومقابل الصوت العالي لإيران في الدفاع عن قضايا المنطقة، فإن صوت العرب في الدفاع عن أرضهم المسلوبة ظل هامشيًا.

ومع ذلك، بدأت بعض المنابر الإعلامية والنشطاء العرب مؤخرًا بتسليط الضوء على القضية، بالتوازي مع تصاعد التوتر مع إيران، وظهور الأحواز كورقة ضغط في الصراع الإقليمي المتزايد.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *