مناهضون
في ظل التغييرات الجيوسياسية المتسارعة في الشرق الأوسط، ومع تراجع النفوذ التقليدي لحزب الله اللبناني نتيجة الضغوط العسكرية والاقتصادية، يبرز الحوثيون في اليمن كمحاولة بديلة لقيادة ما يُعرف بـ”محور المقاومة”، ورغم افتقارهم للتاريخ القتالي والخبرة التنظيمية التي يتمتع بها حزب الله، إلا أنهم يسعون لتوسيع نفوذهم الإقليمي وتعزيز موقعهم في الصراع الدائر مع إسرائيل، مستفيدين من موقعهم الجغرافي وتكتيكاتهم العدوانية.
يشهد المسرح الإقليمي تحوّلاً نوعياً في مراكز القوة داخل “محور المقاومة”، حيث يسعى الحوثيون إلى ملء الفراغ الذي يخلّفه انحسار نفوذ حزب الله اللبناني.
وبالرغم من أن الجماعة الحوثية تفتقر إلى الخبرة القتالية والسياسية التي راكمها حزب الله على مدار عقود، إلا أنها تُعوّل على موقعها الجغرافي الاستراتيجي في اليمن وعلى تكتيكاتها القتالية الشرسة لتثبيت حضورها كقوة مواجهة لإسرائيل.
ويسيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء، ويواصلون تعزيز قبضتهم الداخلية من خلال السيطرة على الموارد المالية، فهم يطبعون العملة بشكل غير شرعي، ويفرضون الضرائب دون تمثيل شعبي، ويحوّلون المساعدات الإنسانية إلى أدوات سلطة، ناهيك عن تورطهم في شبكات تهريب المخدرات وتجارة الأسلحة التي تمتد إلى جماعات إرهابية في إفريقيا.
كما يعملون على تعطيل طرق الشحن الدولية في البحر الأحمر، مما يهدد الأمن البحري الإقليمي والدولي.
أما من الناحية العسكرية، تستفيد الجماعة من التضاريس الجبلية الوعرة في اليمن، والتي تشبه إلى حد بعيد تضاريس أفغانستان.
هذه الجغرافيا تُتيح للحوثيين إخفاء الصواريخ والطائرات المُسيّرة داخل الكهوف والمخابئ تحت الأرض، مما يُصعّب من مهمة استهدافهم.
وعلى الرغم من أنهم ليسوا بمستوى حزب الله من حيث التنظيم والتجهيز، إلا أنهم يُظهرون عدوانية أشد وطموحًا أكبر في تصدر المشهد.
ويسعى عبد الملك الحوثي، زعيم الجماعة، لتكريس موقعه كقائد لمحور المقاومة، ويبدو أن الحرب الدائرة في غزة تُوفّر له الغطاء والفرصة لإبراز دوره في هذا السياق، خاصة مع الانشغال الدولي بالحرب وتقلّص التركيز على الجبهة اليمنية.
إلا أن هذا الطموح الخارجي يصطدم بواقع داخلي هش؛ فالشارع اليمني يعيش حالة من الغضب المتصاعد، فالحوثيون لا يدفعون رواتب الموظفين، ويواصلون فرض الضرائب والإتاوات على المواطنين، دون أي تمثيل سياسي حقيقي، وهو ما يجعل قاعدتهم الشعبية ضعيفة وهشة.
هذا الغضب الشعبي يفرض تحديات داخلية كبيرة على الجماعة، ويدفعها إلى محاولة تصدير الأزمة نحو الخارج، من خلال الانخراط في المواجهة الإقليمية ضد إسرائيل.