مناهضون
في مشهد جديد يعكس تعقيدات الصراع الإقليمي في الشرق الأوسط، وجدت إسرائيل نفسها في مواجهة غير مسبوقة مع جماعة الحوثي اليمنية، إحدى أبرز أدوات النفوذ الإيراني في المنطقة، فالضربات الصاروخية التي نفذتها الجماعة مؤخراً، والتي وصلت إلى عمق الأراضي الإسرائيلية، فتحت الباب أمام تساؤلات حول استعداد إسرائيل لتوسيع نطاق عملياتها العسكرية إلى اليمن، وربما التورط في الصراع الأهلي هناك.
تصعيد غير متوقع من الجنوب:
خلال الأسابيع الماضية، عاش الإسرائيليون ليالٍ صعبة مع تكرار دوي صافرات الإنذار والصواريخ القادمة ليس من غزة أو لبنان، بل من اليمن.
فالحوثيون الذين أطلقوا على أنفسهم “المدافعين الرئيسيين عن القضية الفلسطينية”، نجحوا مرتين في اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية وإصابة 16 شخصاً في منطقة تل أبيب، مما أثار قلقاً واسعاً في الأوساط الإسرائيلية.
ووصف رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، آموس يادلين، الحوثيين بـ”الوكيل الأخير” لإيران، مشيراً إلى أنهم باتوا يشكلون تحدياً يجب أن يُعطى أولوية قصوى.
الرد الإسرائيلي:
رداً على الهجمات الحوثية، شنت إسرائيل سلسلة غارات جوية بعيدة المدى استهدفت مواقع حيوية في اليمن، منها موانئ ومحطات طاقة، حيث توعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الحوثيين بمزيد من العقوبات قائلاً: “سيدفعون ثمناً باهظاً”.
ومع ذلك، أثارت هذه العمليات جدلاً حول فعاليتها، إذ استمرت الرحلات الجوية في مطار صنعاء بعد وقت قصير من إحدى الغارات، بينما لم يظهر تأثير كبير على قدرات الحوثيين أو بنيتهم التنظيمية.
تحديات استخباراتية وعسكرية:
يرى محللون أن المواجهة مع الحوثيين تختلف جذرياً عن الصراعات التي خاضتها إسرائيل مع حزب الله أو حماس، إذ لم تكن الجماعة ضمن أولويات الاستخبارات الإسرائيلية، ما جعل المعلومات عنها محدودة للغاية قبل اندلاع هذا التصعيد.
وإيلي كارمون، الباحث في المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب، أشار إلى أن التحالف الدولي فشل في ردع الحوثيين، ما يعكس مدى صعوبة التعامل مع الجماعة.
البعد الإنساني والسياسي:
والتصعيد الإسرائيلي قد يفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، حيث يعتمد الملايين على الواردات الغذائية التي قد تتأثر بفعل الضربات، عبد الغني الإرياني، الباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، حذر من أن الشعب اليمني هو من سيدفع الثمن الأكبر، مشيراً إلى أن الهجمات الإسرائيلية قد تعزز مكانة الحوثيين داخلياً عبر توجيه الأنظار نحو القضية الفلسطينية.
خيارات إسرائيل المستقبلية:
يرجح المحللون الإسرائيليون أن تلجأ تل أبيب إلى تصعيد الهجمات على البنية التحتية اليمنية وطرق تهريب الأسلحة من إيران.
كما أن هناك دعوات داخل إسرائيل لتقديم دعم عسكري للفصائل المناوئة للحوثيين، وربما استهداف قادة الجماعة، بمن فيهم زعيمها عبد الملك الحوثي.
لكن هذه الخطوات ليست سهلة، إذ يسيطر الحوثيون على مناطق جبلية وعرة، مثل صعدة، يصعب الوصول إليها حتى على السكان المحليين.