مناهضون
تحولت سوريا خلال العقد الأخير إلى مركز رئيسي لتجارة المخدرات في الشرق الأوسط، حيث أصبحت تجارة الكبتاجون مصدرًا أساسيًا للدخل للنظام الحاكم هُناك وبسبب علاقاته القوية بإيران، ويتصدر هذا القطاع غير القانوني مشهد الاقتصاد السوري المتهالك بعد سنوات من الصراع والعقوبات الدولية.
ومن بين الشخصيات البارزة في هذا العالم المظلم، صعد اسم مرعي الرمثان، الذي تحوّل من راعي أغنام بسيط إلى أحد أثرياء المنطقة بفعل تجارته غير المشروعة.
وتكشف هذه القصة النقاب عن الدور الذي يلعبه النظام السوري وعلاقاته مع تجار المخدرات في المنطقة، وكيف أصبحت المخدرات وسيلة رئيسية للبقاء المالي.
صعود مرعي الرمثان من التهريب التقليدي إلى الكبتاجون:
قبل أن يتورط في تجارة المخدرات، كان مرعي الرمثان يعيش حياة هادئة في جنوب سوريا، حيث عُرف كرجل ذكي ووسيم ينحدر من خلفية متواضعة في أسرة كانت تعمل على جانبي الحدود الأردنية السورية.
وكانت المنطقة المحيطة بمدينة الرمثا الأردنية تزدهر بالنقل غير المشروع للسلع عبر الحدود، وهو نشاط تقليدي يشمل التهريب الصغير للمواد المختلفة.
فقبل اندلاع الحرب الأهلية السورية في 2011، كانت تجارة التهريب محدودة، حيث كان البحارة الأردنيون ينقلون سلعًا بسيطة من سوريا إلى الأردن ويبيعونها بفارق ربح جيد، في ظل تساهل من مسؤولي الجمارك الأردنيين الذين كانوا يتلقون رشاوى مقابل غض النظر.
دور الحرب الأهلية في صعود تجارة المخدرات:
مع اندلاع الحرب، تضررت تجارة البحارة الأردنيين بشكل كبير. وعندما أعادت قوات الأسد سيطرتها على مدينة درعا الحدودية في 2018، بدأ بعض السكان المحليين، من بينهم الرمثان، بالبحث عن مصادر دخل بديلة وأكثر ربحية، ووجدوا ضالتهم في الكبتاجون.
وبدأ الرمثان بتهريب كميات كبيرة من المخدرات إلى الأردن، وكان يستخدم البدو لنقل الشحنات عبر الصحراء لتجنب نقاط التفتيش، ليتحول خلال وقت قصير إلى زعيم شبكة تهريب ضخمة تتكون من مئات الأفراد.
نظام الأسد وتجارة الكبتاجون:
في السنوات الأخيرة، ومع تعرض سوريا لعقوبات دولية وانهيار اقتصادها، تحول نظام الأسد إلى تجارة الكبتاجون كمصدر رئيسي للدخل.
ويُقدّر الخبراء أن إنتاج قرص الكبتاجون الواحد يكلف بضعة سنتات فقط، بينما يمكن بيعه بما يصل إلى 25 دولارًا في الأسواق الغنية بالشرق الأوسط، مثل الرياض، فأصبح الكبتاجون يُدر أرباحًا ضخمة للنظام، حيث قدّر معهد “نيو لاينز” في واشنطن قيمة تجارة الكبتاجون في سوريا بنحو عشرة مليارات دولار سنويًا، في حين يبلغ الناتج المحلي الإجمالي الرسمي للبلاد تسعة مليارات دولار فقط.
دور ماهر الأسد في إدارة تجارة المخدرات:
ويتولى ماهر الأسد، شقيق الرئيس بشار الأسد، دورًا بارزًا في إدارة تجارة المخدرات، حيث يُشرف على الفرقة الرابعة في الجيش السوري، التي تأسست في 1984 لحماية النظام.
وبحسب الخبيرة كارولين روز من معهد “نيو لاينز”، فإن تجارة المخدرات السورية أصبحت جزءًا أساسيًا من اقتصاد النظام، ما يضاهي اعتماد حكومة بوليفيا في الثمانينيات على تجارة الكوكايين واعتماد طالبان على الأفيون.
وأصبحت سوريا فعليًا “دولة مخدرات”، حيث بات الكبتاجون المصدر الرئيسي للدخل للنظام، وأصبح الجيش والأجهزة الأمنية شركاء أساسيين في هذه التجارة.
ويرى الخبراء أن سوريا تحت حكم الأسد تشبه بوليفيا في فترة سيطرة تجارة الكوكايين، أو أفغانستان في سنوات ازدهار تجارة الأفيون.
ويقول مايكل كيني، أستاذ في جامعة بيتسبرغ، إن المؤسسات السورية قد “تم اختراقها وإفسادها بالكامل” بفعل هذه الأنشطة، ما يُلقي بظلاله على مستقبل البلاد واستقرارها في مرحلة ما بعد الحرب.