مناهضون
في ظل التراجع المتسارع لنفوذ النظام السوري بقيادة بشار الأسد، تتجه الأنظار نحو مستقبل تجارة الكبتاغون، التي كانت تُعتبر أحد أبرز أعمدة اقتصاد الحرب للنظام السورى، وبينما يتوقع البعض نهاية هذه الإمبراطورية المربحة مع تفكك مؤسسات النظام وانهيار إنتاج المخدرات، تشير تقارير إلى أن الميليشيات العراقية المتحالفة مع الحرس الثوري الإيراني تستعد لاستغلال هذا الفراغ، مما يفتح الباب أمام فصل جديد من تجارة الكبتاغون في المنطقة، وما يحمله ذلك من تداعيات خطيرة على الأمن والاقتصاد الإقليميين.
الكبتاغون هي أداة الحرب ومصدر الثروة للنظام السوري:
على مدار سنوات، كان الكبتاغون يمثل مصدر دخل هائل لنظام الأسد، حيث تشير تقديرات عام 2021 إلى أن عائدات هذه التجارة بلغت نحو 5 مليارات دولار سنوياً، متجاوزة أرباح كبرى عصابات المخدرات العالمية.
ولم يكن الكبتاغون مجرد سلعة تجارية، بل تحول إلى أداة استراتيجية استخدمها النظام في تمويل عملياته العسكرية وترسيخ نفوذه الداخلي والخارجي.
وتولى ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري، الإشراف المباشر على عمليات إنتاج وتوزيع الكبتاغون، مستعيناً بالفرقة المدرعة الرابعة في الجيش السوري، التي أصبحت تُعرف بـ”فرقة الكبتاغون”.
وكانت هذه الفرقة مسؤولة عن تأمين المواد الخام، التي يتم جلبها من العراق، وإدارة عمليات التصنيع على نطاق واسع، مما جعل سوريا مركزاً عالمياً لإنتاج الكبتاغون، حيث تسيطر على 80% من السوق العالمية للمخدرات.
الميليشيات العراقية تدخل على الخط:
مع تفكك البنية التحتية لتجارة الكبتاغون في سوريا وانخفاض إنتاجها بنسبة 90% وفق تقارير حديثة، برزت الميليشيات العراقية المتحالفة مع الحرس الثوري الإيراني كبديل محتمل لإحياء هذه التجارة.
ويقول المحللون إن الحرس الثوري الإيراني، الذي يعاني من ضغوط اقتصادية متزايدة، يرى في تجارة الكبتاغون وسيلة أساسية لتوليد الإيرادات وتعزيز نفوذه في المنطقة، خاصة في ظل العزلة الاقتصادية المتزايدة التي تواجهها إيران في بلاد الشام.
ومن المتوقع أن تسعى الميليشيات العراقية إلى تأسيس ورش صغيرة لإنتاج الكبتاغون، مستغلة خبرات سابقة وممرات لوجستية تمتد بين العراق ولبنان.
دور حزب الله في استمرار الإنتاج:
بالرغم من التراجع في الإنتاج السوري، تشير تقارير استخباراتية إلى أن حزب الله اللبناني لا يزال يلعب دوراً محورياً في تصنيع الكبتاغون عبر ورش صغيرة في لبنان.
وتستفيد هذه الورش من دعم إيراني مباشر لضمان استمرار تدفق المخدرات إلى الأسواق الإقليمية والدولية، ما يعكس الدور المستمر لحزب الله كجزء من الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة.
انعكاسات إحياء تجارة الكبتاغون على المنطقة:
إن استغلال الميليشيات العراقية للفراغ الذي تركه النظام السوري في تجارة الكبتاغون قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار الإقليمي.
فإلى جانب التهديد الصحي والاجتماعي الذي يشكله انتشار هذا المخدر، فإن استخدامه كأداة تمويل للصراعات قد يزيد من تعقيد الأزمات الإقليمية ويؤجج التوترات.