مناهضون
تعد الأحواز موطناً للشعب العربي الأحوازي، الذي يواجه عقوداً من التهميش، والتمييز العرقي، والسياسات التهجير القسري، والحرمان من الحقوق الثقافية والسياسية.
وهذه القصة ليست وليدة اليوم، بل هي نتيجة تراكمات تاريخية تمتد منذ سيطرة الاحتلال الإيراني على الأحواز في أوائل القرن العشرين.
وقد تتنوع أساليب القمع الإيراني للأحوازيين، من تغييرات ديموغرافية قسرية إلى اضطهادات ثقافية وسياسية؛ وكلها تسعى إلى طمس الهوية العربية لهذا الشعب، الذي يعتبر نفسه “مُختطفاً” ضمن إطار الدولة الإيرانية.
تاريخ الاختطاف الإيراني للأحواز:
يرجع النزاع حول الأحواز إلى عام 1925، حينما نجحت إيران في ضم الإقليم إليها، بعد حملة عسكرية أطاحت بأمير الأحواز، الشيخ خزعل الكعبي، الذي كان يحكم الإقليم بصفة شبه مستقلة ضمن الدولة القاجارية، ثم في العهد البهلوي.
ووقعت الأحواز رسمياً تحت الحكم الإيراني عقب اتفاقيات وتفاهمات دولية آنذاك، رغم الاحتجاجات الشعبية المناهضة لضم الإقليم، ونتيجة لهذا التحول، فقدت الأحواز مكانتها ككيان شبه مستقل، وأصبحت تتبع سياسياً وطائفياً وثقافياً لنظام مركزي فارسي لا يعترف بهويتها العربية.
الهوية العربية ومقاومة الاندماج القسري:
يمثل سكان الأحواز هوية عربية ترتكز على لغتهم وثقافتهم وتقاليدهم، إلا أن الحكومة الإيرانية تتبنى سياسات تدمج الأحواز قسرياً في النسيج الإيراني الفارسي.
وتشمل هذه السياسات منع التعليم باللغة العربية في المدارس، وتغيير أسماء المدن والقرى إلى الفارسية، ومنع إقامة الاحتفالات الشعبية العربية، وكذلك تقييد الحقوق الثقافية.
كما تُعتبر المظاهرات المطالبة بالحقوق العربية غير قانونية، وغالباً ما تتعرض بالقمع العنيف والسجن للعديد من النشطاء، الذين يحاولون الدفاع عن هويتهم وحقوقهم.
التهميش الاقتصادي وحرمان من الموارد:
بالإضافة إلى الاضطهاد الثقافي، تتعرض الأحواز لسياسات اقتصادية مجحفة.
فعلى الرغم من أن الإقليم غني بالنفط والغاز ويُعتبر أحد أهم مصادر الدخل لإيران، فإن سكانه يعانون من الفقر المدقع والبطالة، ونقص في الخدمات الأساسية مثل المياه النظيفة، والكهرباء، والتعليم. وتستغل الحكومة الإيرانية موارد الإقليم دون تخصيص نصيب من العوائد لتحسين البنية التحتية أو دعم المشاريع التنموية.
وتفاقمت الأوضاع في السنوات الأخيرة، حيث شنت حكومة الاحتلال الإيراني حملات لتهجير السكان الأصليين، واستبدالهم بمواطنين من أقاليم أخرى، لتغيير التركيبة السكانية وتقليل نسبة العرب في المنطقة.
كما تعاني الأحواز من تحويل مسارات الأنهار الأحوازية إلى مناطق أخرى داخل إيران، ما تسبب في تدهور القطاع الزراعي، وتلوث بيئي هائل أدى إلى ظهور أمراض مستعصية في صفوف السكان.
المقاومة الأحوازية والمحاولات الدولية لدعم القضية:
لم يستسلم الأحوازيون أمام هذه الظروف القاسية، فقد ظهرت حركات سياسية ومنظمات حقوقية تمثل المقاومة الأحوازية وتسعى إلى رفع صوت الشعب الأحوازي إلى المحافل الدولية.
وعلى الرغم من القمع الشديد، لا تزال هذه الحركات تسعى لاستعادة حقوق الأحوازيين في تقرير المصير واستعادة هويتهم الثقافية، ورغم نداءات المجتمع الدولي وحقوق الإنسان، ترفض إيران السماح للأحوازيين بالمطالبة بحقوقهم علناً، بل تعمد إلى سجن ونفي قادة هذه الحركات وإعدام البعض منهم تحت تهم تتعلق بالإرهاب.