مناهضون
في مشهد يعكس أقصى درجات القمع الممنهج والتضليل الإعلامي، نفّذت السلطات الإيرانية فجر السبت 4 أكتوبر حكم الإعدام بحق ستة معتقلين سياسيين من أبناء الشعب العربي في الأحواز، في عملية وُصفت بأنها رسالة ترهيب جماعية تهدف إلى إسكات الأصوات الحرة وكسر إرادة المجتمع الأحوازي الذي يعاني منذ عقود من التهميش والاضطهاد.
ورغم أن هذه الإعدامات جاءت دون إخطار مسبق لأهالي الضحايا أو لمحاميهم، إلا أن ما أثار الغضب والريبة هو طريقة تناول الإعلام الإيراني للحدث، إذ سارع إلى بث بيانات مفبركة واعترافات قسرية لتبرير عملية الإعدام، في محاولة لتجميل واحدة من أبشع جرائم الإعدام الجماعي في تاريخ الأحواز.
ـ تفاصيل الإعدامات:
بحسب مصادر حقوقية وأسر الضحايا، تم تنفيذ أحكام الإعدام سرًا داخل سجن سبيدار بمدينة الأحواز العاصمة، بحق كل من:
علي مجدم، محمد رضا مقدم، معين خنفري، حبيب دريس، عدنان غبیشاوي، وسالم موسوي.
وتلقت عائلاتهم خبر الإعدام عبر اتصالات مقتضبة من عناصر استخبارات أبلغوهم بأن الأحكام نُفذت دون تقديم أي تفاصيل حول موعد التنفيذ أو مكان الدفن، ولا تزال جثامين الضحايا محتجزة لدى السلطات، ومواقع دفنهم مجهولة.
وفي مشهد يكشف حجم القمع، تم استدعاء ذوي المعدومين وعدد من شيوخ القبائل إلى مقار الاستخبارات، حيث أُجبروا على توقيع تعهدات بعدم إقامة عزاء أو تواصل مع وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية، تحت التهديد بالملاحقة والسجن.
كما حظرت سلطات الاحتلال الإيراني استخدام مكبرات الصوت أو بثّ المراثي داخل المساجد، خشية تحوّل مراسم العزاء إلى احتجاجات شعبية.
ـ بيان مفبرك واعترافات تحت التعذيب:
بعد ساعات من تنفيذ الإعدامات، بثّ الإعلام الرسمي الإيراني بيانًا رسميًا اتّهم فيه الضحايا بالضلوع في أعمال إرهابية والارتباط بجهات خارجية، مرفقًا بمقاطع لما وُصف بأنه اعترافات المتهمين.
إلا أن منظمات حقوقية ومحامين أكدوا أن هذه الاعترافات تمّت تحت التعذيب الجسدي والنفسي، وأُجبر المعتقلون على ترديد نصوص معدة مسبقًا أمام الكاميرات لتبرير الأحكام.
وهو نمط معروف تتبعه سلطات الاحتلال الإيراني في كل عمليات الإعدام السياسي تقريبًا، حيث يُستخدم الإعلام كأداة دعائية لتضليل الرأي العام وإضفاء شرعية شكلية على قرارات قضائية تفتقر إلى العدالة.
ـ رسائل سياسية موجهة للخارج والداخل:
يرى مراقبون أن توقيت الإعدامات لم يكن عشوائيًا، بل جاء في ظل تزايد حالة الاحتقان الشعبي في الأحواز نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية، ومصادرة الأراضي الزراعية، واستمرار سياسات التمييز الممنهج ضد العرب في التوظيف والتعليم والخدمات.
وبحسب محللين، فإن طهران أرادت من خلال هذه الإعدامات توجيه رسالتين واضحتين:
إلى الداخل الأحوازي: أن أي نشاط سياسي أو احتجاجي سيُواجَه بالإعدام.
وإلى الخارج: أن النظام ماضي في هيبته الأمنية رغم الإدانات والضغوط الحقوقية الدولية المتزايدة.
ـ قضاء مسيّس وصمت دولي مقلق:
هذه العملية ليست سوى حلقة جديدة في سلسلة طويلة من القمع الممنهج ضد أبناء الأحواز، حيث يتحول القضاء الإيراني إلى أداة سياسية لتصفية الحسابات وفرض السيطرة، بدلًا من أن يكون ساحة لتحقيق العدالة.
ويؤكد ناشطون أن استمرار الصمت الدولي على هذه الجرائم يشجع طهران على التمادي في نهجها الدموي، بينما يظل مصير المئات من المعتقلين العرب في السجون الإيرانية معلقًا بين التعذيب والإعدام المحتمل، في ظل غياب أي رقابة دولية حقيقية أو مساءلة قانونية لنظام الاحتلال الإيراني.