مناهضون
تُعتبر انتفاضة الكرامة التي اندلعت في أبريل 2005 واحدة من أهم المحطات في تاريخ النضال الأحوازي ضد سياسات القمع والتهميش التي تتبعها حكومة الاحتلال الإيراني.
وهدفت هذه الانتفاضة إلى الدفاع عن الهوية العربية للأحواز ورفض سياسات الطمس الثقافي والتغيير الديمغرافي التي تُمارس ضد الشعب الأحوازي.
وتعود جذور انتفاضة الكرامة إلى عقود من التمييز والإهمال المتعمد للأحوازيين، ولكن الشرارة التي أشعلت هذه الانتفاضة كانت تسريب وثيقة سرية في عام 2005 تُعرف بوثيقة “آبطحي”، نسبت إلى محمد علي أبطحي، مدير مكتب الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي.
حيث كشفت الوثيقة عن خطط حكومية لتغيير التركيبة السكانية في الأحواز عبر تهجير السكان العرب واستقدام مهاجرين من أقاليم أخرى لتعزيز الوجود الفارسي في الإقليم.
تفاصيل الانتفاضة:
اندلعت الانتفاضة في 15 أبريل 2005، وبدأت بمظاهرات سلمية في مدينة الأحواز، وسرعان ما انتشرت إلى مدن وبلدات أخرى مثل عبادان والمحمرة والفلاحية.
وطالب المتظاهرون بوقف سياسات التمييز العرقي، واحترام الهوية الثقافية واللغوية للعرب الأحوازيين، والإفراج عن المعتقلين السياسيين، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
كما واجهت سلطات الاحتلال الإيراني الاحتجاجات بعنف شديد، حيث استخدمت قوات الأمن الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.
ونتيجة لذلك قُتل العديد من المتظاهرين وأصيب المئات، وتم اعتقال الآلاف منهم، حيث تعرض العديد من المعتقلين للتعذيب وسوء المعاملة في السجون.
تداعيات الانتفاضة:
أدت الانتفاضة إلى زيادة الوعي الدولي بقضية الأحواز، حيث لفتت انتباه منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام العالمية إلى الانتهاكات التي تُمارس ضد الأحوازيين.
وفي الوقت نفسه، أدى القمع العنيف للاحتجاجات إلى تعزيز الروح الوطنية والهوية الثقافية بين الأحوازيين، مما دفع بالمزيد من الشباب للانخراط في الحركات النضالية.
كما أسهمت الانتفاضة في تشكيل العديد من الحركات السياسية والتنظيمات المسلحة التي تسعى للدفاع عن حقوق الأحوازيين، سواء من خلال الوسائل السلمية أو عبر الكفاح المسلح.
ورغم القمع الذي يتعرض له النشطاء الأحوازيون، إلا أن الحركة الوطنية في الأحواز ما زالت حية، مستمدة قوتها من الذاكرة الجماعية للشعب الأحوازي.
الموقف الإيراني ورد الفعل الدولي:
حاولت سلطات الاحتلال الإيراني تبرير قمعها للانتفاضة بزعم أن المتظاهرين يمثلون تهديدًا للأمن القومي ويعملون بتوجيه من جهات خارجية.
ومع ذلك، فإن هذا الخطاب لم يفلح في إسكات الأصوات التي تنتقد السياسات القمعية الإيرانية تجاه الأقليات.
وعلى الصعيد الدولي، أدانت العديد من منظمات حقوق الإنسان، مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، الانتهاكات التي تعرض لها المتظاهرون الأحوازيون، ودعت إلى تحقيقات مستقلة في هذه الانتهاكات.
كما شهدت القضية الأحوازية اهتمامًا متزايدًا في وسائل الإعلام العالمية، مما ساعد في تسليط الضوء على معاناة الشعب الأحوازي.
ورغم مرور سنوات على انتفاضة الكرامة، إلا أن القضايا التي أثارتها لا تزال قائمة، ومازال الأحوازيون يطالبون بحقوقهم السياسية والثقافية والاقتصادية،
ومازالت حكومة الاحتلال الإيراني تواصل سياساتها القمعية، حيث يعتبر النضال من أجل حقوق الأحوازيين جزءًا من نضال أوسع من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في إيران.