مناهضون
رغم مرور عام على اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، تكشف مؤشرات ميدانية واستخباراتية حديثة عن تصاعد نشاط الحزب المدعوم من إيران في إعادة بناء ترسانته العسكرية، في خطوة تُنذر بإعادة إشعال فتيل الحرب في الجنوب اللبناني.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، فإن حزب الله بدأ منذ عدة أشهر عملية منظمة لإعادة تسليح نفسه بعد الخسائر الكبيرة التي لحقت ببنيته العسكرية خلال المواجهات الأخيرة مع إسرائيل.
هذه التحركات، بحسب الصحيفة، تأتي بدعم مباشر من طهران التي ترى في الحزب ذراعها الأبرز داخل المنطقة، وأداة استراتيجية لردع إسرائيل وموازنة النفوذ الغربي في الشرق الأوسط.
ـ إيران تعيد التموضع في لبنان عبر دعم حزب الله:
منذ تأسيس حزب الله في مطلع الثمانينيات، شكل الدعم الإيراني له ركيزة أساسية في استمراريته وتوسّع نفوذه العسكري والسياسي.
وتشير مصادر استخباراتية غربية إلى أن إيران كثفت في الأشهر الأخيرة عمليات نقل الأسلحة إلى لبنان عبر الموانئ البحرية والطرق البرية الممتدة من الأراضي السورية، مستفيدة من نفوذها داخل دمشق وقدرتها على تمرير الشحنات تحت غطاء دبلوماسي أو إنساني.
وبحسب المعلومات التي أوردتها الصحيفة الأمريكية، فإن عمليات النقل تشمل صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى ومضادات للدبابات ومدفعية متطورة، في حين بدأ الحزب بتصنيع بعض الأسلحة محليًا في ورش سرية داخل الجنوب والبقاع، بإشراف خبراء عسكريين من الحرس الثوري الإيراني.
ـ اتفاق هش وقلق إسرائيلي متصاعد:
الاتفاق الذي رعته الولايات المتحدة قبل نحو عام، بدعم خليجي، كان يهدف إلى إعادة الاستقرار إلى الحدود الجنوبية للبنان، وفتح الباب أمام برامج اقتصادية وتنموية في المنطقة تُمكّن بيروت من معالجة ملف سلاح الحزب بطريقة سلمية.
وتضمنت المبادرة الأمريكية التزامات مالية تقدر بمليارات الدولارات من دول خليجية، خصصت لمشاريع البنية التحتية ودعم المجتمعات المحلية في الجنوب، في محاولة لتقليص اعتماد حزب الله على الدعم الإيراني.
لكن إسرائيل، وفقًا للتقرير، تعتبر أن الحزب لم يلتزم بروح الاتفاق، إذ نفذت قواتها الجوية أكثر من ألف ضربة منذ توقيع وقف النار، استهدفت مواقع قالت إنها بنى تحتية ومخازن أسلحة تابعة لحزب الله.
وتشير مصادر أمنية إسرائيلية إلى أن استمرار التسلح الإيراني للحزب يهدد بانهيار الهدنة ويقوض الجهود الدولية لحفظ الاستقرار.
ـ سياسة الردع الإيراني عبر الوكلاء:
يرى محللون أن التحركات الحالية تأتي في إطار استراتيجية أوسع لإيران تهدف إلى ترسيخ نفوذها الإقليمي عبر دعم الجماعات المسلحة في لبنان والعراق وسوريا واليمن.
ويعتبر حزب الله “الركيزة الأهم” في هذه الشبكة، إذ يمتلك قدرات عسكرية تفوق قدرات جيوش نظامية في المنطقة، فضلًا عن نفوذه السياسي داخل لبنان.
ويقول مراقبون، إن إعادة تسليح الحزب تعكس رغبة طهران في الحفاظ على توازن الردع مع إسرائيل، خصوصًا بعد الضربات الإسرائيلية المكثفة التي استهدفت مواقع للحرس الثوري والميليشيات الموالية له في سوريا خلال العام الماضي.
كما تسعى إيران من خلال دعم الحزب إلى إبقاء جبهة الجنوب اللبناني ورقة ضغط جاهزة في حال تصاعدت المواجهة بينها وبين واشنطن أو تل أبيب في ساحات أخرى.
ـ تهديد الاستقرار واحتمال تجدد الحرب:
مع استمرار تدفق السلاح وتزايد الانتهاكات المتبادلة، يبدو أن اتفاق وقف إطلاق النار يواجه خطر الانهيار الكامل، فيما تزداد المخاوف الدولية من انزلاق لبنان إلى جولة جديدة من الصراع قد تكون أكثر تدميرًا من سابقاتها.
ويؤكد مراقبون أن غياب الحل السياسي الشامل لسلاح حزب الله، إلى جانب استمرار الدعم الإيراني السري، يجعل من الجنوب اللبناني منطقة توتر قابلة للاشتعال في أي لحظة، خصوصًا في ظل الحديث عن نفاد صبر إسرائيل واستعدادها لعمل عسكري واسع إذا استمرت عمليات التسلح والتخزين داخل الأراضي اللبنانية.





