مناهضون
مع إعلان فوز الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في الانتخابات، يجد النظام الإيراني نفسه أمام تحديات غير مسبوقة على المستوى السياسي والاقتصادي، وسط مخاوف متزايدة من تبعات عودة ترامب، الذي أبدى موقفاً عدائياً تجاه إيران خلال ولايته السابقة.
فقد شهدت العملة الإيرانية انخفاضًا حادًا إلى أدنى مستوياتها التاريخية، ما يعكس حالة القلق في الأوساط الاقتصادية الإيرانية، ويدفع إلى إعادة التفكير في استراتيجيات طهران لمواجهة الإدارة الأمريكية القادمة.
التصعيد الإيراني والتصريحات المثيرة:
لم تكتفي إيران بالتعبير عن قلقها إزاء عودة ترامب، بل استخدمت قنواتها الإعلامية لنشر تهديدات علنية.
ففي خطوة رمزية حادة، بثت قناة تابعة للحرس الثوري الإيراني عبر تطبيق “تيليجرام” مقطع فيديو يظهر صورة لترامب مغطى بالدماء مصحوبة برسالة “سننهي المهمة”، في إشارة واضحة إلى عزمها على الانتقام لاغتيال الجنرال قاسم سليماني عام 2019.
ويقول بهنام بن طالبلو، خبير الشؤون الإيرانية في “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” (FDD)، إن النظام الإيراني في حالة “رعب” من عودة ترامب، مشيرًا إلى أن “الاقتصاد الإيراني لا يحتمل المزيد من الصدمات الاقتصادية الناتجة عن الضغط الأمريكي المتزايد”.
هبوط الريال الإيراني:
وفي السوق الإيرانية، عكست أسعار العملة حالة الاضطراب، حيث تراجع الريال إلى مستوى غير مسبوق أمام الدولار، إذ وصل إلى 703,000 ريال مقابل الدولار الواحد قبل أن يتعافى قليلاً.
ويشير تجار في طهران إلى أن هذا الانخفاض القياسي يعكس قلق المستثمرين من السياسة الأمريكية المتوقعة في ظل رئاسة ترامب، والتي قد تشمل فرض مزيد من العقوبات وتفعيل سياسة “الضغط الأقصى”.
ترامب وإسرائيل:
تأتي رئاسة ترامب المرتقبة مع تعهد المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي باتخاذ إجراءات قاسية ردًا على الهجمات الإسرائيلية على مواقع إيرانية في سوريا الشهر الماضي.
ويتوقع شون ماكفيت، أستاذ الشؤون العامة بجامعة سيراكيوز، أن رئاسة ترامب قد تؤدي إلى تريث إيران في خطواتها التصعيدية ضد إسرائيل، في ظل دعم ترامب القوي للحليف الإسرائيلي ومحاولاته السابقة لتعزيز التطبيع العربي الإسرائيلي.
كما يرى ماكفيت أن ترامب، حال عودته إلى البيت الأبيض، قد ينهي سياسة بايدن في دعم طرفي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ما يزيد من تعقيد الحسابات الإيرانية في المنطقة.
سياسة ترامب والانعزالية الأمريكية:
ورغم تحالف ترامب الوثيق مع إسرائيل خلال فترة رئاسته الأولى، يتوقع محللون أن ميوله الانعزالية قد تدفعه إلى تقليص الدعم العسكري لها.
ويرى تشاك فرايليتش، نائب مستشار الأمن القومي السابق في إسرائيل، أن ترامب شخصية غير متوقعة، وأن توجهات الحزب الجمهوري الانعزالية قد تجعل إيران في حيرة بشأن سياساته الخارجية.
ويضيف فرايليتش: “هل سيكون ترامب مستعدًا لاتخاذ خطوات عسكرية لمنع إيران من تجاوز الخطوط الحمراء؟”.
وقد أرسل بايدن حاملات طائرات أمريكية لدعم إسرائيل وردع إيران، لكن يبقى السؤال: هل يمتلك ترامب نفس الاستعداد لاستخدام القوة العسكرية لحماية حلفائه؟
الموقف الإيراني الرسمي:
وفي الوقت الذي يعكس فيه المشهد الداخلي لإيران حالة من القلق والترقب، يسعى النظام الإيراني رسميًا إلى طمأنة الرأي العام والتقليل من تأثير عودة ترامب على موقفه.
إلا أن الواقع الاقتصادي يثبت عكس ذلك، فالعملة الإيرانية الهشة وأسعار الصرف المتذبذبة تكشف عن عمق الأزمة، ما قد يضع إيران أمام خيارات صعبة في الأشهر المقبلة، حيث يتطلب الوضع الحالي استراتيجية أكثر مرونة للتعامل مع رئاسة ترامب واحتمالات تصعيد التوترات في المنطقة.