مناهضون
مع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، تبرز تساؤلات حول كيفية تعامل الإدارة الأميركية المقبلة مع هذا الملف الحساس، وبينما يسود اعتقاد بأن طهران أصبحت أضعف مما كانت عليه منذ عقود، فإن الجدل مستمر حول مدى فاعلية الضغط المتزايد عليها وما إذا كان يتطلب استراتيجية أكثر وضوحًا.
إيران في أضعف حالاتها:
يواجه الاقتصاد الإيراني أزمات خانقة، مع ارتفاع التضخم وانهيار قيمة العملة المحلية، إلى جانب نقص حاد في الاستثمارات وهروب رؤوس الأموال، كما أن القمع العنيف للاحتجاجات الداخلية أجج الغضب الشعبي، مما زاد من التحديات التي تواجه النظام.
ومن الناحية العسكرية، وجهت إسرائيل ضربات قاسية لاستراتيجية طهران التقليدية، التي تعتمد على وكلاء مثل “حماس” و”حزب الله” كخط دفاع أول.
فقد أدت الضربات الإسرائيلية الأخيرة إلى تفكيك دفاعات جوية رئيسية، مما جعل منشآت إيرانية حيوية مكشوفة أمام أي هجوم مستقبلي.
هل حان وقت الضربة العسكرية؟
يرى محللون قريبون من الرئيس دونالد ترامب أن الوقت قد حان لاستغلال هذا الضعف وشن ضربات عسكرية تستهدف المنشآت النووية الإيرانية، وربما حتى السعي للإطاحة بالنظام.
إذ إن إيران تملك بالفعل ما يكفي من المواد الانشطارية لإنتاج عشرات القنابل النووية، مما يزيد من المخاوف بشأن نواياها المستقبلية.
ومع ذلك، لا تزال الحجج المضادة قوية كما كانت دائمًا، فحتى في ظل غياب الدفاعات الجوية، فإن المنشآت النووية المدفونة في أعماق الأرض تجعل من تدميرها بالكامل مهمة بالغة الصعوبة.
كما أن أي هجوم قد يؤدي إلى نتائج عكسية، من خلال توحيد الشعب الإيراني حول النظام، أو حتى التسبب في صعود نظام أكثر تشددًا.
فرصة دبلوماسية أم استمرار للضغط:
في الوقت الذي يُطرح فيه خيار العمل العسكري، بدأت بعض الأصوات في إيران تلمح إلى إمكانية استئناف المفاوضات، وهنا تبرز الحاجة إلى استراتيجية أميركية متماسكة بالتعاون مع الحلفاء في أوروبا وآسيا والخليج، بالإضافة إلى إسرائيل، لضمان تقديم موقف موحد أمام طهران ومنعها من استغلال الانقسامات الدولية لصالحها.
فيجب أن تتناول أي مفاوضات جديدة ليس فقط الملف النووي، ولكن أيضًا برامج الصواريخ الباليستية والدعم الإيراني للوكلاء في المنطقة.
كما أن التوصل إلى اتفاق ضعيف لن يكون ذا جدوى، لأن أي اتفاق غير قادر على الصمود أمام التدقيق في الكونغرس سيصبح بلا قيمة على المدى الطويل.
تعزيز الضغط بآليات جديدة:
إذا كانت واشنطن جادة في دفع إيران إلى طاولة المفاوضات بشروط أكثر صرامة، فإن العقوبات الاقتصادية تحتاج إلى تطبيق أكثر إحكامًا، مع التركيز على الضغط على الصين لتقليل وارداتها من النفط الإيراني، وفرض عقوبات على الجهات الصينية التي تستمر في التعامل مع طهران.
كما ينبغي أن يكون الحلفاء الأوروبيون أكثر حزمًا، عبر التهديد بإعادة فرض عقوبات العودة السريعة إذا استمرت إيران في انتهاك التزاماتها النووية، ولم تستأنف التعاون مع المفتشين الدوليين أو تظهر جدية في المحادثات.
الخيار العسكري على الطاولة:
على الرغم من أن التهديد العسكري يجب أن يظل قائمًا كأحد الخيارات، فمن الضروري تجنب التهديدات غير الضرورية التي قد تعقد الموقف، فيجب أن تستثمر الولايات المتحدة في تدريبات عسكرية مشتركة مع إسرائيل تحاكي سيناريوهات استهداف المنشآت النووية الإيرانية، إلى جانب تطوير أسلحة وتقنيات جديدة قد تجعل مثل هذه العمليات أكثر فاعلية.
إلى جانب ذلك، يمكن استخدام االتسريبات الاستراتيجية حول النقاشات الداخلية الأميركية الإسرائيلية لجعل طهران تدرك جدية التهديدات.
ضغوط أقوى مقابل حوافز مغرية:
لضمان نجاح أي اتفاق مستقبلي، يجب أن يكون هناك توازن بين الضغط الاقتصادي والعسكري وتقديم حوافز مشجعة لإيران، ويمكن أن تشمل هذه الحوافز تخفيفًا تدريجيًا للعقوبات مقابل تقديم تنازلات ملموسة، مع التركيز على فرض قيود دائمة على تخصيب اليورانيوم، وضبط برنامج الصواريخ الباليستية، ووقف دعم المجموعات المسلحة في المنطقة.
كما ينبغي تفادي الأخطاء التي شابت اتفاق 2015، مثل البنود التي تنتهي صلاحيتها بعد مدة معينة، مما يجعله غير فعال على المدى الطويل.
والأفضل أن يُعرض أي اتفاق مستقبلي على مجلس الشيوخ الأميركي للحصول على موافقة أوسع، بما يضمن استمراريته وعدم تعرضه للنقض بسهولة من أي إدارة لاحقة.