مناهضون
يشكل التهجير القسري إحدى أبرز الأدوات التي استخدمتها سلطات الاحتلال الإيراني منذ عقود للسيطرة على الأحواز العربي، ولم تكن عمليات التهجير القسري في الأحواز مجرد استجابة لظروف استثنائية، بل هي سياسة متعمدة ومنظمة تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية واستراتيجية، ما تسبب في معاناة إنسانية هائلة على مدى عقود طويلة.
فقد بدأت محاولات السيطرة على الأحواز وتهجير سكانها منذ أن احتلت إيران الأحواز عام 1925، حينها، تم خلع الحاكم العربي الشيخ خزعل الكعبي، وبدأت سلطات الاحتلال الإيراني بتنفيذ خطة ممنهجة تستهدف السكان الأصليين.
أولى السياسات التي اعتمدتها إيران تمثلت في مصادرة الأراضي الزراعية من المزارعين العرب وتسليمها للمستوطنين الفرس، كما أقامت مشاريع استيطانية في مناطق استراتيجية، وخاصة حول المدن الكبرى مثل الأحواز العاصمة وعبادان والمحمرة، لتشجيع الهجرة الفارسية إلى الإقليم.
أشكال التهجير القسري:
تنوعت أساليب التهجير القسري في الأحواز بين مباشرة وغير مباشرة، وشملت:
1. مصادرة الأراضي والممتلكات:
عمدت السلطات إلى مصادرة الأراضي الزراعية من السكان العرب بحجة تنفيذ مشاريع وطنية أو إنشاء بنى تحتية، ثم وزعت هذه الأراضي على مهاجرين فرس جلبتهم من مناطق مختلفة.
2. تحويل مجرى الأنهار وتجفيف الأراضي الزراعية:
قامت إيران بتحويل مياه نهر كارون، الذي يُعد شريان حياة للإقليم، إلى مناطق أخرى داخل إيران، كما قامت بتجفيف مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، ما أجبر آلاف الأسر الأحوازية على النزوح بحثًا عن مصادر للرزق.
3. القمع والاعتقالات:
مارست سلطات الاحتلال الإيراني أساليب القمع والترهيب بحق السكان الأصليين، مثل الاعتقالات الجماعية والإعدامات، ما دفع كثيرًا منهم إلى مغادرة الإقليم.
4. سياسة الإفقار:
تعمدت السلطات تهميش الأحواز اقتصاديًا، رغم ثرواتها الطبيعية الهائلة، فقد أدى ذلك إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر بين العرب، ما دفع بعضهم إلى النزوح نحو المدن الكبرى داخل إيران للعمل في ظروف قاسية.
5. إغراق المدن العربية بالمستوطنين الفرس:
نفذت السلطات مشاريع استيطانية واسعة في الأحواز حيث أنشأت مستوطنات حديثة خصصتها للفرس، بينما حُرم السكان العرب من حقوقهم الأساسية في السكن والتعليم والخدمات.
آثار التهجير القسري:
أسفرت سياسة التهجير القسري عن آثار كارثية على المجتمع الأحوازي، ومنها:
1. تفكك النسيج الاجتماعي:
أدت عمليات التهجير إلى تدمير الهوية الثقافية والاجتماعية للأحوازيين، حيث تم تفكيك المجتمعات القروية وإجبارها على التكيف مع بيئات حضرية تفتقر إلى الروابط الثقافية العربية.+
2. ارتفاع معدلات الفقر والتهميش:
يعاني الأحوازيون النازحون من ظروف معيشية قاسية في المدن التي هُجّروا إليها، حيث يتم استبعادهم من الوظائف والخدمات العامة.
3. طمس الهوية العربية:
عملت سلطات الاحتلال الإيراني على فرض اللغة الفارسية ومنع استخدام اللغة العربية في التعليم والمناسبات العامة، ما أدى إلى تقليص انتشار الثقافة العربية.+
4. تحولات ديموغرافية خطيرة:
تراجعت نسبة السكان العرب في الأحواز مقارنة بالمستوطنين الفرس، نتيجة الهجرة القسرية المستمرة.
الاحتجاجات والمقاومة:
ورغم القمع الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإيراني، إلا أن الأحوازيين لم يتوقفوا عن المقاومة، فقد شهدت المنطقة احتجاجات واسعة على مر العقود، تطالب بالحقوق القومية ووقف السياسات التمييزية.
وكانت أبرز هذه الانتفاضات في عام 1979 وعام 2005، إضافة إلى احتجاجات متفرقة خلال السنوات الأخيرة.