مناهضون
في السنوات الأخيرة، تصاعدت تجارة المخدرات غير المشروعة، ولا سيما مخدر الكبتاغون، بشكل ملحوظ في منطقة الشرق الأوسط، مما أثار قلقاً إقليمياً ودولياً واسع النطاق.
ويُعد الكبتاغون من المخدرات الأكثر تداولاً في المنطقة، حيث انتشر عبر حدود سوريا إلى دول الخليج وأوروبا، مما ساهم في تعقيد التحديات الأمنية والصحية والاقتصادية.
وفي هذا السياق، تأتي الجهود المتزايدة لمكافحة تهريب الكبتاغون بالتعاون بين مختلف الدول والجهات الفاعلة، إلا أن هذا التحدي يستمر في التفاقم.
الوجهات الرئيسية على طول طريق المخدرات:
تتمتع سوريا بموقع استراتيجي على طول طرق التهريب التاريخية المؤدية إلى أوروبا والأسواق الخليجية، مما يزيد من تعقيد تحديات الاتجار بالمخدرات.
وقد شهدت المنطقة تدفقًا هائلًا لمخدر الكبتاغون، الذي يُعتبر أرخص وأسهل في الحصول عليه من الكحول، فعلى سبيل المثال، تسببت الحدود الواسعة بين الأردن وسوريا في تسهيل تدفق الكبتاغون إلى داخل المجتمع الأردني على جميع مستوياته.
ورغم الجهود المبذولة لاحتواء هذه الأزمة، بما في ذلك إعادة فتح الأردن لمعبر نصيب الحدودي في سبتمبر 2021 في محاولة لتطبيع العلاقات مع سوريا، استمر تهريب الكبتاغون.
وعلى الرغم من أن دمشق التزمت باتخاذ خطوات لإنهاء هذا النشاط، إلا أن الاتجار لم يتوقف.
ويُعد الأردن نقطة محورية في هذا التهريب، كونه وجهة رئيسية ومعبرًا إلى الخليج العربي، لا سيما إلى المملكة العربية السعودية التي تستحوذ على جزء كبير من إمدادات الكبتاغون العالمية.
مكافحة الكبتاغون واستغلال الميليشيات لحرب غزة:
أعلن الملك عبد الله الثاني في فبراير 2022 “حربًا على الاتجار بالمخدرات”، ومنذ ذلك الحين تمكن الجيش الأردني من إحباط أكثر من 1700 محاولة تهريب عبر الحدود.
ومع تصاعد عمليات التهريب، تبنى الجيش سياسة “إطلاق النار للقتل” ضد المهربين، وشنت القوات الجوية الأردنية غارات على منشآت إنتاج الكبتاغون داخل سوريا.
وتزامنت هذه الجهود مع تصاعد الاتصالات الدبلوماسية، حيث تواصل الأردن مع إيران وسوريا في محاولة لحل الأزمة المتفاقمة، إلا أن النتائج كانت محدودة.
في الوقت نفسه، استغلت الميليشيات المدعومة من إيران حالة الصراع في غزة لزيادة نشاطاتها في تهريب المخدرات عبر الحدود الأردنية، ما دفع الأردن إلى طلب دعم دولي، لا سيما من الولايات المتحدة، لمواجهة هذا التهديد المتزايد.
الكبتاغون.. تجارة لا تظهر أي علامات على التراجع:
باتت سوريا اليوم أكبر منتج لمخدر الكبتاغون في العالم، وأصبحت مصدرًا رئيسيًا لأزمة المخدرات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ورغم العقوبات المفروضة على الكيانات السورية المتورطة في تجارة المخدرات، إلا أن هذه التدابير لم تكن كافية للحد من الانتشار الواسع للكبتاغون.
ويُشير العديد من الخبراء إلى أن العقوبات تستهدف عددًا محدودًا من الأفراد دون معالجة الشبكات الأوسع التي تغذي هذه التجارة.
ويتطلب التصدي لهذه الأزمة تعاونًا إقليميًا واسع النطاق، خصوصًا وأن عناصر من نظام الأسد متورطة بشكل مباشر في هذا النشاط.
ومع ذلك، حتى في حالة توقف تهريب الكبتاغون، تظل مشكلة الإدمان والتعامل معها داخل الدول الأكثر تضررًا، مثل السعودية والأردن، تحديًا كبيرًا.
حيث تُعاني هذه الدول من نقص في المرافق الطبية القادرة على علاج الإدمان، وتعتبر المشكلة في الغالب قضية جنائية بدلاً من تحدي صحي.
التعاون الدولي والجهود المتواصلة:
أمام هذا التهديد المتزايد، تتعاون العديد من الدول على المستوى الدولي لمكافحة انتشار الكبتاغون، وتشمل هذه الجهود استراتيجية إدارة بايدن في الولايات المتحدة التي تسعى إلى تنظيم حملة متعددة الأطراف للتصدي لهذه التجارة غير المشروعة.
وفي أوروبا، تتزايد المخاوف من أن تكون القارة بمثابة محطة لإعادة شحن المخدرات إلى الشرق الأوسط.
إضافة إلى ذلك، يتم البحث عن شراكات جديدة مع دول مثل الصين التي قد تسهم في الحد من تدفق المواد المخدرة الأخرى، مثل الفنتانيل، عبر دعم الاستقرار الإقليمي.