مناهضون
تظل أحداث المحمرة الدامية شهادة دامغة على انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها النظام الإيراني ضد الشعب العربي الأحوازي، وهذه الأحداث ليست مجرد ذكرى مؤلمة، بل هي دعوة للمجتمع الدولي للتحرك والوقوف مع الشعوب المظلومة.
ففي عام 1925، سيطرت ما تسمى بإيران على الأحواز التي كانت في السابق إمارة مستقلة، وبدأت عمليات التهميش الثقافي والسياسي للسكان العرب الأحوازيين بعد ضم المنطقة، حيث تم فرض اللغة الفارسية وإلغاء التعليم باللغة العربية، إضافة إلى حرمان العرب من حقوقهم السياسية والاجتماعية.
ومع اندلاع ما يسمى بالثورة الإيرانية عام 1979 وصعود نظام الخميني، شهدت المنطقة تصعيداً ضد الأنشطة السياسية العربية.
فالثورة التي كانت شعارها المزعوم الدفاع عن حقوق المستضعفين، أظهرت وجهها القمعي تجاه الأقلية الأحوازية، والتي كانت تسعى لتحقيق استقلالها وحقوقها المشروعة.
وفي أواخر مايو 1979، نظم الشعب الأحوازي في مدينة المحمرة سلسلة من الاحتجاجات السلمية ضد السياسات القمعية للنظام الإيراني، والاحتجاجات كانت تهدف إلى التعبير عن مطالبهم بالحقوق المدنية والثقافية والاعتراف بهويتهم العربية.
وتحت قيادة الحرس الثوري الإيراني، قوبلت الاحتجاجات برد عنيف غير مبرر، حيث استخدمت القوات الإيرانية الأسلحة النارية والذخيرة الحية لقمع المتظاهرين، مما أسفر عن مقتل مئات المدنيين وجرح الآلاف.
كما شنت قوات الاحتلال الإيراني عمليات عسكرية واسعة النطاق أدت إلى تدمير العديد من الأحياء والممتلكات في المدينة.
ولم تقتصر العمليات العسكرية التي قادتها سلطات الاحتلال الإيراني على قمع الاحتجاجات، بل شملت أيضاً تدمير البنية التحتية للمدينة وتفجير المنازل والمراكز التعليمية، وتسببت هذه الأعمال في تشريد آلاف العائلات وتدمير معالم المدينة الرئيسية.
وأظهرت التقارير والشهادات من الناجين أن السلطات الإيرانية لم تكتف بالقوة المفرطة ضد المتظاهرين، بل مارست أيضاً أساليب تعذيب واعتقال تعسفي، وتعرض العديد من المعتقلين للتعذيب الجسدي والنفسي في مراكز الاحتجاز السرية.
وأثرت الأحداث على الهوية الثقافية للشعب الأحوازي بشكل كبير، شملت السياسات الإيرانية عمليات إبادة ثقافية، مثل إغلاق المدارس العربية ومنع الاحتفالات الثقافية، مما أدى إلى تهديد اللغة والهوية الأحوازية.
وعلى الرغم من القمع الشديد، استمر الشعب الأحوازي في النضال ضد الاحتلال الإيراني، فقد اندلعت انتفاضات أخرى في السنوات التالية، وسعت الجماعات الأحوازية إلى توثيق الانتهاكات وتقديمها للعالم.
وتأثرت ردود الفعل الدولية بالأوضاع الجيوسياسية، على الرغم من الانتقادات التي وجهت للنظام الإيراني من قبل منظمات حقوق الإنسان، لم يكن هناك تدخل فعال أو ضغوط ملموسة ضد السياسات القمعية، وهذا التراخي الدولي شجع النظام الإيراني على الاستمرار في انتهاكاته.
وقد أثرت أحداث المحمرة بشكل عميق على الحياة اليومية للشعب الأحوازي، فقد أدت إلى تفشي الخوف وعدم الاستقرار، وزادت من حدة التوترات بين المجتمع الأحوازي ونظام الاحتلال الإيراني.
وساهمت هذه الأحداث في تعميق الصراعات الإقليمية، كما أن التوترات بين إيران والدول العربية المجاورة ازدادت، حيث أثرت السياسات الإيرانية القمعية على علاقات إيران بدول المنطقة.