مناهضون
تحل ذكرى مقتل الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله، وسط مشهد إقليمي يزداد تعقيداً، وصراع محتدم بين إسرائيل ومحور المقاومة الذي تقوده إيران، فلم يكن اغتيال نصرالله حدثاً عادياً في تاريخ المواجهة، بل لحظة فارقة غيرت قواعد اللعبة وأطلقت مساراً ممنهجاً استهدف تصفية قوة الحزب الذي شكل لعقود الذراع الأبرز لطهران في المشرق العربي.
ومع مرور الوقت، بات اغتيال نصرالله رمزاً لبداية مرحلة جديدة، تتسم بتراجع نفوذ الحزب وتفكك منظومته الأمنية والعسكرية، وانكشاف هشاشته أمام ضربات منظمة تقودها إسرائيل بدعم غربي.
ـ من الزعامة إلى الغياب المفاجئ:
منذ توليه قيادة حزب الله عام 1992 بعد اغتيال عباس الموسوي، ارتبط اسم حسن نصرالله ببناء قوة الحزب وتحويله من فصيل محلي إلى لاعب إقليمي يمتلك ترسانة عسكرية وصاروخية، ويهيمن على القرار السياسي اللبناني.
كان يُنظر إليه باعتباره “العقل المدبر” وصاحب الكاريزما التي حافظت على تماسك الحزب رغم الأزمات، ولكن مقتله المفاجئ مثل انهياراً نفسياً وتنظيمياً، إذ سقطت معه صورة “القائد الذي لا يُمس”، لتظهر حالة ارتباك وتصدع في البنية القيادية والتنظيمية.
ـ التداعيات الداخلية على حزب الله:
فراغ قيادي غير مسبوق: غياب نصرالله أحدث ارتباكاً داخل الصف الأول والثاني، وسط صراع مكتوم على خلافته وتضارب الرؤى بين الأجنحة العسكرية والسياسية.
انهيار صورة الحصانة الأمنية: العملية الإسرائيلية الدقيقة عرّت الحزب أمام جمهوره، وكسرت صورة “الحصن المنيع” الذي لا يمكن اختراقه.
تراجع معنويات القاعدة الشعبية: القاعدة المؤيدة شعرت بفقدان رمزها الأهم، ما انعكس على حجم التعبئة والالتفاف حول الحزب.
ـ بداية تصفية القوة العسكرية:
اغتيال نصرالله لم يكن سوى الحلقة الأولى في خطة أوسع استهدفت رأس الهرم قبل الانتقال إلى الأذرع:
استهداف القيادات الميدانية: تلت عملية الاغتيال سلسلة ضربات مركزة أودت بحياة قيادات بارزة، بينها مسؤولون عن وحدات الصواريخ والطائرات المسيّرة.
إضعاف البنية الصاروخية: الغارات المتكررة دمرت مخازن أسلحة نوعية، وأضعفت قدرة الحزب على تهديد إسرائيل بصواريخ دقيقة بعيدة المدى.
تفكك التحالفات: بعض الفصائل الموالية لإيران في سوريا والعراق أعادت النظر في دعمها للحزب، خشية أن تصبح أهدافاً مشابهة.
ـ الانعكاسات على النفوذ الإيراني:
حزب الله كان حجر الأساس في مشروع إيران الإقليمي، لكن اغتيال نصرالله مثّل ضربة استراتيجية لإيران نفسها، إذ كشف هشاشة أهم أدواتها.
ومع توالي عمليات التصفية، بدا واضحاً أن طهران تواجه خطة منظمة لإضعاف نفوذها في لبنان وتقليص قدرتها على استخدام الحزب كورقة ضغط في المفاوضات الإقليمية والدولية.
ـ البعد اللبناني:
على الساحة الداخلية، فجر اغتيال نصرالله جدلاً واسعاً:
أصوات لبنانية رأت أن الفرصة مواتية لإنهاء سطوة السلاح غير الشرعي وإعادة سلطة الدولة.
تنامى الضغط الدولي لتطبيق القرار 1701 وتعزيز دور الجيش اللبناني على الحدود.
انكشفت هشاشة الوضع الداخلي، حيث تزايدت المخاوف من فراغ سياسي وأمني قد يفتح الباب أمام تدخلات خارجية أوسع.