مناهضون
تعاني الأحواز منذ عقود من أزمة جفاف حادة لم تقتصر آثارها على البيئة وحدها، بل امتدت لتطال الزراعة والمياه الصالحة للشرب وحتى النسيج الاجتماعي للسكان، فعلى الرغم من أن بعض الظواهر الطبيعية قد تساهم جزئيًا في نقص المياه، إلا أن الأدلة الميدانية والتقارير الحقوقية تؤكد أن الأزمة الحالية هي نتيجة مخطط إيراني ممنهج يهدف إلى تحويل الموارد المائية للأغراض الصناعية والسياسية، وإضعاف السكان الأصليين اقتصاديًا واجتماعيًا، ويشكل هذا النهج سياسة احتلال متكاملة، حيث لا يُترك المجال للمجتمعات المحلية للتكيف مع نقص المياه أو الحفاظ على أراضيها الخصبة.
أولًا: تجفيف الأنهار والتحكم بالمياه:
تُعد مياه نهر كارون والشط العربي شريان الحياة للأحواز، حيث تعتمد عليها الزراعة والصناعة المحلية، بالإضافة إلى توفير المياه الصالحة للشرب.
إلا أن الاحتلال الإيراني عمد إلى مشاريع تحويل مجاري الأنهار لمصلحة المصانع والمناطق الحضرية الكبرى، ما أدى إلى تراجع المساحات الزراعية بشكل كبير، وفقدان الأراضي خصوبتها الطبيعية.
هذا التحويل القسري للمياه ليس مجرد مسألة بيئية، بل استراتيجية محكمة لخلق تبعية اقتصادية وسكان ضعفاء لا يملكون القدرة على الصمود أمام الضغوط الاقتصادية.
ثانيًا: التأثير على الزراعة والأمن الغذائي:
تأثرت آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية بسبب انخفاض منسوب المياه، ما أدى إلى تراجع الإنتاج الزراعي وارتفاع أسعار المواد الغذائية محليًا.
حيث تعتمد المجتمعات الأحوازية تقليديًا على الزراعة لتأمين الغذاء والعيش، إلا أن نقص المياه أجبر الكثيرين على ترك أراضيهم والبحث عن فرص عمل في المدن أو الهجرة خارج الأحواز.
هذا الانخفاض في الإنتاج الزراعي يفاقم الفقر ويهدد الأمن الغذائي للسكان، ويزيد من اعتمادهم على الدعم الخارجي المحدود.
ثالثًا: الهجرة القسرية وتفكك المجتمع المحلي:
نتيجة لنقص المياه وتدمير الأراضي الزراعية، اضطر آلاف الأحوازيين إلى الهجرة القسرية من قراهم ومدنهم، مما أدى إلى تفكك المجتمعات المحلية وزيادة الضغط على المدن الكبرى.
كما أثرت هذه الهجرات على الهوية الثقافية والاجتماعية للأحواز، حيث فقد السكان الاتصال بمناطقهم التاريخية وأراضيهم الأصلية، ما يمثل تهديدًا مباشرًا لاستقرار المجتمع وحقوقهم التاريخية.
رابعًا: المشاريع الصناعية واستغلال الموارد الطبيعية:
تعمل مشاريع صناعية ضخمة على تحويل مسار الأنهار وتوجيه المياه إلى مصانع وأراضٍ مخصصة للتصدير، ما يقلل بشكل كبير الحصة المتاحة للسكان المحليين للزراعة والاستخدام المنزلي.
هذا التوسع الصناعي يوضح أن الجفاف ليس حادثًا بيئيًا عرضيًا، بل أداة محكمة للاستغلال الاقتصادي والسيطرة على الأراضي والموارد الطبيعية.
خامسًا: التحديات البيئية والصحية:
الجفاف المستمر أدى إلى تدهور البيئة المحلية، بما في ذلك ارتفاع نسبة الملوحة في التربة، ونقص المياه الصالحة للشرب، وانتشار الأمراض المرتبطة بنقص المياه.
كما أن فقدان الغطاء النباتي أدى إلى زيادة التصحر وارتفاع درجات الحرارة المحلية، ما يزيد من معاناة السكان ويجعل الحياة اليومية أكثر صعوبة.
سادسًا: الردود الدولية والمحلية:
على الرغم من تحذيرات المنظمات الحقوقية والبيئية، لم تتخذ سلطات الاحتلال الإيراني خطوات جادة لمعالجة الأزمة أو حماية السكان المحليين.
وقد اعتبرت تقارير حقوقية أن هذه السياسات تشكل انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية المتعلقة بحق الشعوب في مياهها وحقها في التنمية المستدامة.
كما أن المجتمع الدولي يُدين هذه السياسات التي تهدد حياة الملايين من الأحوازيين وتستنزف الموارد الحيوية للمنطقة.