مناهضون
تعد القضية الفلسطينية رمزاً مركزياً للنضال العربي ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومقياساً للسياسة العربية والإقليمية والدولية، وعلى مدار العقود الماضية، شهدت المنطقة محاولات متكررة لاستغلال هذه القضية لتحقيق مكاسب سياسية، عسكرية، واقتصادية.
وفي هذا السياق، يظهر حزب الله اللبناني كأحد أبرز الجهات التي اتهمها محللون سياسيون واستراتيجيون بالاستفادة السياسية من القضية الفلسطينية.
فمن جهة، يعلن الحزب أنه مدافع عن الفلسطينيين والمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
ومن جهة أخرى، تشير الوقائع إلى أنه وظف هذه القضية لتعزيز نفوذه العسكري والسياسي على الساحة اللبنانية والإقليمية، بما يتماشى مع المشروع الإيراني التوسعي في الشرق الأوسط.
النشأة والتوجه السياسي:
تأسس حزب الله عام 1982، بعد اجتياح إسرائيل للبنان، مستفيداً من الفراغ الأمني والسياسي الذي أحدثه هذا الاجتياح، وكذلك من الاضطرابات التي شهدتها المخيمات الفلسطينية في جنوب لبنان.
استند الحزب في تأسيسه إلى الأيديولوجيا الشيعية الإيرانية، متبنياً نموذج “المقاومة المسلحة” ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومع ذلك سرعان ما تحول هذا النموذج إلى أداة لتحقيق أهداف سياسية واستراتيجية أوسع.
الأهداف المعلنة:
ـ مقاومة الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية والفلسطينية.
ـ حماية المجتمع الشيعي اللبناني وتعزيز دوره في الحياة السياسية اللبنانية.
ـ الدفاع عن الفلسطينيين كرمز للقضية العربية، وبناء صورة شعبية إقليمية.
الأهداف الحقيقية وفق المحللين:
ـ تعزيز النفوذ الإيراني في لبنان والمنطقة.
ـ استخدام الصراعات الفلسطينية كذريعة لتوسيع قواعده العسكرية والسياسية.
ـ التأثير على القرارات اللبنانية الداخلية، بما في ذلك فرض نفسه لاعباً أساسياً في السلطة والحياة السياسية.
المتاجرة بالقضية الفلسطينية:
منذ نشأته، اتهم حزب الله باستغلال القضية الفلسطينية لتحقيق مكاسب محلية وإقليمية، وذلك بعدة طرق:
ـ استخدام الفلسطينيين في لبنان لأهداف سياسية: خلال الثمانينيات والتسعينيات، كانت المخيمات الفلسطينية في جنوب لبنان مسرحاً للصراعات المسلحة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، وقد استغل حزب الله هذه المخيمات لترسيخ وجوده العسكري، والسيطرة على خطوط الاتصال بين الجنوب اللبناني وفلسطين المحتلة.
لم يكن هدفه الأساسي الدفاع عن الفلسطينيين، بل استخدام الصراع كغطاء لتعزيز سلطته وفرض نفوذه.
ـ تعزيز العلاقات مع إيران:
اعتمد الحزب على دعم مالي وعسكري مباشر من إيران، مستغلاً قضية فلسطين لتبرير ممارساته أمام الرأي العام اللبناني والعربي.
وساهمت هذه العلاقة في تحويل حزب الله إلى أداة سياسية وعسكرية تخدم المشروع الإيراني في المنطقة، بما في ذلك دعم وكلاء إيران في سوريا والعراق واليمن.
ـ تحقيق مكاسب محلية وسياسية:
وظف الحزب شعارات المقاومة الفلسطينية لكسب قاعدة شعبية واسعة بين اللبنانيين، وبالأخص في المناطق الشيعية.
كان لتوظيف قضية فلسطين دور كبير في تعزيز موقفه في الانتخابات اللبنانية وفي المفاوضات السياسية الداخلية.
ـ التورط في الصراعات المسلحة خارج لبنان:
شارك الحزب في عدة عمليات ضد إسرائيل بدعوى دعم الفلسطينيين، لكن غالباً ما كانت أهداف هذه العمليات تتعلق بتعزيز قوته العسكرية أو إرسال رسائل سياسية للخصوم الإقليميين والدوليين.
الانتقادات والتداعيات:
تتعرض سياسات حزب الله لانتقادات واسعة على عدة مستويات:
الدولي: وصفته الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بأنه استغل المدنيين الفلسطينيين في لبنان لأغراض عسكرية، ما يهدد الأمن الإقليمي ويزيد من معاناة الشعب الفلسطيني.
الإقليمي: أكدت دول عربية عديدة أن الحزب يحرف القضية الفلسطينية عن مسارها الصحيح ويقوض الجهود العربية لتوحيد الموقف تجاه إسرائيل.
الداخل اللبناني: أدت ممارسات الحزب إلى تعميق الانقسامات الطائفية والسياسية في لبنان، مع تحميل الفلسطينيين في لبنان أعباء صراعات لا تخصهم بشكل مباشر.