أحمد رحمة عباسي: تحرير الأحواز أمر حتمي وسيعيد التوازن للمنطقة ويحدّ من النفوذ الإيراني
مناهضون
تحتل القضية الأحوازية موقعًا استراتيجيًا في معادلة الأمن القومي العربي، إذ إن تحرير الأحواز من الاحتلال الإيراني ليس مجرد مطلب محلي لشعب يرزح تحت القمع والتهميش، بل هو خطوة جوهرية لإعادة التوازن إلى المنطقة ككل، فمنذ أن سقطت الأحواز في قبضة إيران عام 1925، شهد العالم العربي تصاعدًا في نفوذ طهران، سواء في عهد الشاه الذي كان شرطي المنطقة بدعم غربي، أو في ظل ما يسمى بـ”الجمهورية الإسلامية” التي وسّعت نفوذها إلى أربع عواصم عربية، مما جعل القرار العربي مرهونًا بمخططات طهران التوسعية.
في هذا الحوار، نسلط الضوء على أهمية تحرير الأحواز في استعادة الاستقرار الإقليمي، ونناقش مدى الحاجة إلى تحرك دولي لدعم القضية الأحوازية، كما نتطرق إلى العوامل التي جعلت هذا الاحتلال مستمرًا حتى اليوم، ومدى إمكانية استثمار الظروف السياسية الراهنة لكسب الزخم الدولي لصالح القضية عبر استضافة الكاتب الأحوازي أحمد رحمة عباسي في حوار خاص للمكتب الإعلامي لحركة رواد النهضة لتحرير الأحواز “مناهضون”.
وإلى نص الحور، ما أهمية تحرير الأحواز للمنطقة العربية ككل؟
لا شك أنه لولا احتلال الأحواز في عام 1925 لما حدث هذا الخلل في توازن القوى بين العالم العربي ودول الجوار، وأعني بذلك إيران، سواء في عهد الشاه الذي نصّبه الغرب كشرطي للمنطقة، أو في عهد ما يُسمى بـ “الجمهورية الإسلامية”، التي تمكنت من اختراق أربع عواصم عربية ومصادرة قراراتها السياسية.
وأدركت الدول الرأسمالية الأوروبية، مبكرًا، أهمية الأحواز باعتبارها منطقة غنية بالموارد المائية والبترولية، وموقعًا استراتيجيًا للتجارة والصناعة.
وقد افتُتحت الملاحة في نهر كارون عام 1888، وركزت المصالح البريطانية آنذاك على تشييد الطرق والسكك الحديدية في الأحواز، ومع اقتراب اندلاع الحرب العالمية الأولى، ازدادت أهمية الأحواز بسبب اكتشاف النفط لأول مرة في الشرق الأوسط على أراضيها، حيث كانت القوى الكبرى، وعلى رأسها بريطانيا، بحاجة إلى هذه المادة الحيوية لتحريك آلياتها الحربية واستبدال الفحم الحجري بالمشتقات النفطية.
وبعد الحرب العالمية الأولى، ومع تصاعد المخاوف من تمدد النفوذ السوفييتي، تآمرت بريطانيا مع رضا خان وقدمت الأحواز لإيران، مما أدى إلى استقواء إيران وتحولها إلى قوة إقليمية مهيمنة.
وبالتالي، فإن تحرير الأحواز سيعيد التوازن إلى المنطقة، ويحدّ من النفوذ الإيراني، وهو أمر حتمي لا محالة.
هل تحرير الأحواز يحتاج إلى تحرك دولي؟
بالتأكيد، فكل قضية تحررية تحتاج إلى دعم دولي، فيمكن طرح القضية الأحوازية على المستوى الدولي من خلال المطالبة بحق تقرير المصير، وهو حق قانوني تكفله القوانين الدولية.
فالشعب الأحوازي يختلف عن الشعب الفارسي في اللغة والثقافة والتاريخ، ولا تربطه أي روابط بالثقافة الفارسية، مثل عيد النيروز والسيزده بدر.
والمطالبة بتقرير المصير كانت آلية فعالة خلال الستينيات في وجه الاستعمار، وأتاحت للشعوب في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية التحرر من السيطرة الأجنبية، ويمكن تبنّي هذا النهج عبر مؤسسات دولية وعربية، ليكون بديلاً عن المواجهات العسكرية، خاصة في ظل الأوضاع السياسية الراهنة.
ولكن تحقيق ذلك يتطلب قيادة أحوازية موحدة في الخارج تتبنى المشروع وتعرضه على هيئة تصفية الاستعمار التابعة للأمم المتحدة.
ما العوامل التي تقف وراء استمرار احتلال إيران للأحواز؟
تتمثل الأسباب في الأطماع الإيرانية المتواصلة بثروات الأحواز، سواء تلك الموجودة فوق الأرض أو تحتها، ولمواجهة هذا الواقع، على الأحوازيين التعاون مع الشعوب الأخرى داخل إيران وخارجها، والعمل وفق المبادئ التالية:
– إسقاط النظام الإيراني الحالي: لأن هذا النظام لا يمكن إصلاحه، إذ يعتمد على القمع الداخلي وإثارة الفوضى والإرهاب في الخارج للحفاظ على بقائه.
– التصدي للبدائل غير المناسبة: في حال سقوط النظام، قد تسعى القوى الكبرى لدعم بدائل مثل ابن الشاه أو منظمة مجاهدي خلق، وهو أمر يجب مقاومته لضمان عدم استمرار الهيمنة الفارسية على الأحواز.
– التفاعل مع المكونات غير الفارسية داخل إيران: حيث تضم جغرافية إيران العديد من الشعوب المضطهدة، مثل البلوش والأكراد والتركمان، مما يتيح للأحوازيين التحالف معهم في سبيل تحقيق تطلعاتهم، لكن مع فرض رؤيتهم الواضحة حول مستقبل الأحواز.
هل كان يجب الحشد لتحرير الأحواز بعد الثورة الإيرانية؟
بعد انتصار الثورة في عام 1979، تفاءل الشعب الأحوازي بإمكانية الحصول على حقوقه، خاصة أنه شارك في الثورة من خلال الإضرابات في المنشآت النفطية، ولكن سرعان ما كشف النظام الإيراني الجديد عن نواياه العدائية، حيث وقعت مجازر في المحمرة والأربعة السوداء، مما أكد أن النظام الجديد لم يكن سوى امتداد لنهج الشاه في القمع والاستبداد.