مناهضون
تشهد إيران خلافات غير مسبوقة داخل أروقة السلطة حول مستقبل برنامجها النووي، حيث تصاعدت الضغوط من قبل كبار القادة العسكريين في الحرس الثوري على المرشد الأعلى، علي خامنئي، لمراجعة فتواه التي تحظر تطوير الأسلحة النووية، ويرى هؤلاء القادة أن امتلاك سلاح نووي أصبح ضرورة استراتيجية لضمان بقاء النظام في مواجهة ما يصفونه بـ”التهديدات الوجودية” من الغرب.
وبحسب ما كشفته صحيفة “تلغراف”، فإن هذه الضغوط تأتي في ظل انقسام متزايد بين التيار العسكري المتشدد والمؤسسة الدينية والسياسية التي لا تزال تتمسك رسميًا بموقفها الرافض لامتلاك أسلحة نووية.
وأفادت مصادر بأن بعض القادة العسكريين الذين كانوا يرفضون في السابق هذا الخيار، باتوا الآن يطالبون بشكل علني بتطوير قنبلة ذرية، معتبرين أن الأوضاع السياسية الدولية المتغيرة، خاصة بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، تفرض على إيران إعادة النظر في استراتيجيتها الدفاعية.
صراع داخلي بين العسكريين والسياسيين:
وفقًا لمصدر مطلع في طهران، فإن هذه الضغوط تأتي وسط مخاوف متزايدة داخل الأجنحة المتصارعة داخل النظام، حيث قال أحد المسؤولين الإيرانيين: “لم نكن أبدًا بهذا الضعف من قبل، وربما تكون هذه فرصتنا الأخيرة للحصول على سلاح نووي قبل فوات الأوان.”
وتشير التقارير إلى أن الخلافات بين الحرس الثوري وقيادات النظام السياسية تزداد حدة، خاصة أن الفتوى التي أصدرها خامنئي عام 2005، والتي تحرم امتلاك أسلحة نووية، هي العائق الوحيد أمام تحول إيران إلى قوة نووية.
وبينما تتمسك بعض الدوائر المقربة من خامنئي بهذه الفتوى، هناك أصوات داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية تدفع باتجاه تجاوزها، بزعم أن “الظروف الحالية تتطلب إعادة النظر في هذه العقيدة.”
ضغوط من البرلمان وقيادات عسكرية متشددة:
لم تقتصر الدعوات إلى تغيير الموقف النووي على القيادات العسكرية، بل امتدت إلى البرلمان الإيراني، حيث دعا العشرات من النواب المجلس الأعلى للأمن القومي إلى مراجعة السياسة النووية للدولة.
ويؤكد أحد أعضاء البرلمان أن فتوى خامنئي لا تزال قائمة، لكنه شدد على أن الفقه الشيعي يسمح بتغيير الأحكام وفقًا للزمان والظروف، في إشارة إلى إمكانية إعادة النظر في الفتوى إذا اقتضت المصلحة العليا للنظام.
وفي تطور لافت، نقلت الصحيفة عن أحد النواب قوله: “أعتقد أننا بحاجة إلى إجراء تجربة قنبلة نووية، ولا توجد طريقة أخرى لضمان أمننا القومي.”
بينما صرّح كمال خرازي، مستشار خامنئي، في نوفمبر الماضي، بأن الفتوى تظل القيد الوحيد أمام تطوير الأسلحة النووية، ما يفتح الباب أمام احتمال إعادة النظر فيها مستقبلاً.
مستقبل غامض للسياسة النووية الإيرانية:
مع تصاعد الخلافات بين الأجنحة المختلفة في النظام الإيراني، تزداد التساؤلات حول ما إذا كان خامنئي سيرضخ للضغوط العسكرية ويغير فتواه، أم أنه سيتمسك بها رغم التحديات.
ومع تزايد الضغط من داخل المؤسسة العسكرية وتنامي العزلة الدولية على إيران، يبدو أن النظام يواجه أحد أكثر قراراته المصيرية تعقيدًا في السنوات الأخيرة، وسط مخاوف من أن يتحول الانقسام الداخلي إلى أزمة أوسع تهدد استقراره.