مناهضون
وسط تصاعد التوترات واستمرار التحديات الأمنية والسياسية، دخلت منطقتا لبنان وغزة في حالة هدنة هشة، تبدو كفرصة مؤقتة لجميع الأطراف لالتقاط الأنفاس.
ورغم أن هذه الهدنات جاءت بعد تصعيد كبير، فإن بقاءها على المدى الطويل يعتمد على توازن حساس بين المصالح والضغوط، وسط تحليلات تشير إلى هشاشة الوضع وإمكانية انهياره في أي لحظة.
معادلة صعبة بين الردع والبقاء:
في جنوب لبنان، يواجه حزب الله خيارات معقدة، فبينما يعبر الحزب عن غضبه تجاه بقاء القوات الإسرائيلية على الحدود اللبنانية، يدرك أن أي تصعيد عسكري جديد قد يجلب رداً إسرائيلياً ساحقاً يهدد بنيته التحتية وقاعدته الشعبية.
هذا التوتر ظهر جلياً في بيان أصدره الحزب، حيث أشاد بالسكان الذين حاولوا العودة إلى قراهم المحتلة، ودعا المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل للانسحاب، لكنه تجنب استئناف إطلاق الصواريخ.
القيود المفروضة على حزب الله:
الخسائر القيادية: تعرض الحزب لضربات موجعة استهدفت قياداته البارزة خلال الأشهر الماضية.
ضعف الحليف الإيراني: مع تزايد الضغوط على إيران، راعية الحزب، وتراجع نفوذها الإقليمي.
إغلاق طرق الإمداد: أغلقت طرق تهريب الأسلحة الرئيسية عبر سوريا بعد الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، حليف الحزب، مما قلّص قدراته اللوجستية.
ووصفت حنين غدار المحللة اللبنانية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، الموقف بوضوح قائلة: “أي تصعيد جديد من حزب الله تجاه إسرائيل سيكون بمثابة انتحار، لأنه يمنح إسرائيل فرصة لضرب الحزب بقوة وتدمير بنيته بالكامل”.
والحزب أيضاً يخشى تراجع شعبيته بين قاعدته الشيعية، التي تحملت العبء الأكبر من التداعيات الاقتصادية والبشرية لحروبه السابقة.
ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية، يبدو أن الحزب يفضل الحفاظ على مكتسباته السياسية بدلاً من المخاطرة بخسارة دعم ناخبيه.
حماس في غزة الحفاظ على السلطة أولوية:
وفي غزة، تبدو حركة حماس هي الأخرى أمام معادلة معقدة، فبينما تروج الحركة للهدنة كإنجاز سياسي، فإنها تدرك أن استئناف الحرب مع إسرائيل قد يؤدي إلى زعزعة سلطتها السياسية في القطاع.
بالإضافة إلى ذلك، تحتاج إسرائيل إلى الاستفادة من هذه التهدئة لتحقيق أهدافها، وأبرزها تأمين الإفراج عن مزيد من الرهائن المحتجزين لدى حماس، مما يجعل الحفاظ على الوضع الراهن ضرورياً في الوقت الحالي.
تحقيق مكاسب تكتيكية تحت مظلة التهدئة:
من الجانب الإسرائيلي، تسعى القيادة السياسية إلى تحقيق مكاسب تكتيكية تحت غطاء الهدنة، إذ تعمل على:
تأمين الإفراج عن مزيد من الرهائن المحتجزين لدى حماس.
استعادة الاستقرار على الحدود الشمالية والجنوبية.
الحفاظ على علاقة إيجابية مع الولايات المتحدة، خصوصاً في ظل رغبة إدارة ترامب بإظهار الشرق الأوسط كمنطقة مستقرة خلال فترة الانتخابات.
المستقبل الغامض للهدنتين:
على الرغم من استمرار حوادث إطلاق النار، والتي أسفرت عن سقوط قتلى في كل من لبنان وغزة، إلا أن الهدنتين ما زالتا صامدتين حتى الآن.
ومع ذلك، فإن استمرارهما يعتمد بشكل كبير على قدرة الأطراف على ضبط النفس والموازنة بين مصالحها وضغوطها.