مناهضون
يشهد العراق تحديات مستمرة في الحفاظ على الأمن، خاصة خلال المناسبات الدينية الكبرى، واحدة من هذه المناسبات هي إحياء ذكرى الأربعين، التي تُعد من أكبر التجمعات السنوية في العالم الشيعي.
ومع اقتراب ذروة هذا الحدث في 25 أغسطس، حيث يتوافد ملايين الحجاج إلى مدينة كربلاء، تفجرت أحداث عنف قبلي وصدامات بين وحدات الحشد الشعبي والجيش العراقي، مما يهدد بزعزعة الاستقرار في المنطقة الجنوبية من البلاد.
التوترات بين القبائل والجيش
أثارت التقارير الواردة في 22 أغسطس القلق، حيث ذكرت وسائل الإعلام المحلية إصابة ستة حجاج، من بينهم إيرانيان، في اشتباكات بين قبيلتين في محافظة النجف.
ووفقاً للشرطة المحلية، قُتل شخص في هذه الاشتباكات، وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر إطلاق نار كثيف في منطقة قريبة من الطريق الرابط بين النجف وكربلاء، وهو الطريق الذي يسلكه الحجاج الشيعة سيرًا على الأقدام.
ةتُعَدُ هذه الاشتباكات جزءًا من نمط متكرر من العنف القبلي في جنوب العراق، حيث تلجأ القبائل إلى استخدام الأسلحة الثقيلة في النزاعات.
فإحدى هذه الحوادث تضمنت مقتل عضو من قبيلة الجبور في هجوم على محطة وقود للحجاج.
ويظهر في مقطع فيديو آخر، انتشر بشكل واسع، أحد أفراد قبيلة الجبور وهو يتعهد بالانتقام لمقتل شقيقه من قبيلة بني عامر، مما يشير إلى احتمال تصاعد التوترات بعد انتهاء مراسم الأربعين.
اشتباكات الحشد الشعبي والجيش العراقي
بالإضافة إلى العنف القبلي، شهدت كربلاء توترات أخرى بين الحشد الشعبي والجيش العراقي.
ورغم دمج الحشد الشعبي رسميًا في القوات المسلحة العراقية منذ عام 2016، لا تزال المواجهات بين الطرفين تحدث، مما يعكس التعقيدات الأمنية والسياسية في البلاد. يُعتبر الحشد الشعبي، الذي تشكل كقوة مسلحة لمواجهة تنظيم داعش، جزءًا لا يتجزأ من التوازن العسكري في العراق، لكن تداخل مصالحه مع وحدات الجيش الأخرى قد يؤدي إلى نزاعات.
جهود الحفاظ على الأمن
تعمل السلطات العراقية بجهد كبير لتأمين مراسم الأربعين، خاصة مع توقع توافد ما يصل إلى 22 مليون حاج في عام 2023.
يُذكر أنه تم نشر حوالي 40 ألف فرد من قوات الأمن من مختلف وكالات الدولة، بما في ذلك الحشد الشعبي، لتأمين الحدث.
وعلى الرغم من هذه التدابير، فإن الأحداث الأخيرة تظهر صعوبة السيطرة على العنف القبلي وضمان تنسيق فعال بين جميع القوى الأمنية.
التحديات والمستقبل
يبدو أن الجهود الحكومية للحد من العنف القبلي لم تحقق نتائج ملموسة حتى الآن، رغم تقديم إدارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني “عهدًا قبليًا” من سبعة بنود يدعو القبائل إلى اللجوء للقانون في حل النزاعات.
ومع ذلك، فإن احتمال تصاعد العنف لا يزال قائمًا، خاصة مع تهديد الجبور بالانتقام لمقتل أحد أفرادهم.
في الوقت الذي تركز فيه الجهود الأمنية على التصدي للتهديدات الكبرى مثل داعش، يجب ألا تُهمل قضايا العنف القبلي والتوترات الداخلية، التي قد تُزعزع استقرار العراق وتؤثر سلباً على محاولاته للحفاظ على السلم المجتمعي.