مناهضون
الشيخ أحمد الأسير هو شخصية بارزة في لبنان، اشتهر بمواقفه الجريئة ضد حزب الله والنظام السوري، فمنذ صعوده إلى الساحة السياسية والدينية في لبنان، أصبح الأسير رمزًا للمقاومة السنية ضد الهيمنة الشيعية في البلاد.
ولد الشيخ أحمد الأسير في مدينة صيدا اللبنانية عام 1968، وهو داعية سني وعضو في عدد من الجمعيات الإسلامية.
درس العلوم الشرعية في كلية الشريعة التابعة لدار الفتوى في بيروت، ولقب بـ”الأسير” بسبب تاريخ عائلته حيث أُسر أحد أجداده من قبل الفرنسيين في مالطا أثناء فترة الانتداب.
ورغم أنه اشتهر مبكرًا بمواقفه السلفية، إلا أن شهرته توسعت بشكل كبير في عام 2011 عندما أعلن دعمه للثورة السورية، كما ساهمت دعوته للاعتصام ضد حزب الله في ساحة الشهداء عام 2012، وهجماته على حسن نصر الله، في تعزيز مكانته.
ومع تصاعد الصراع السوري والتوترات الطائفية بين السنة والشيعة في لبنان، برز اسم الأسير بشكل ملحوظ، غير أن هذا النجاح جاء مصحوبًا باتهامات ضده بتشكيل جماعة إرهابية والتحريض على العنف ضد الجيش.
وفي 2013، قاد الأسير احتجاجات واسعة ضد حزب الله، مما أدى إلى تصاعد التوترات بين مؤيديه ومؤيدي الحزب، وقد برزت هذه التوترات في مواجهات مسلحة في مدينة صيدا، حيث كانت هناك اشتباكات عنيفة بين أنصار الأسير وأنصار حزب الله.
في صباح يوم السبت 15 أغسطس 2015، أعلن جهاز الأمن العام اللبناني عن إلقاء القبض على أحمد الأسير في مطار بيروت الدولي، وذلك أثناء محاولته الهروب من لبنان متجهاً إلى مصر، وقد أثار اعتقال الأسير اهتماماً واسعاً نظراً لتورطه في نزاعات دامية ضد الجيش اللبناني.
وفقاً للمصادر، كان الأسير قد حاول تغيير مظهره لتفادي التعرف عليه، حيث حلق لحيته الطويلة وغيّر نظارته وطريقة لباسه، كما تم ضبطه وبصحبته شخص آخر، وتم العثور بحوزتهما على جوازين مزورين؛ أحدهما باسم ماهر عبد الرحمن والآخر باسم خالد سيداني.
وقد وُجهت له تهم باستخدام وثيقة سفر فلسطينية مزورة باسم رامي عبد الرحمن طالب، وتمت إحالتهم إلى السلطات المختصة للتحقيق.
وتفيد التقارير أن الأسير كان يخطط للتوجه إلى نيجيريا عبر القاهرة، بعد حوالي سنتين من المطاردة.
وقد نجح الأسير في التسلل إلى لبنان عبر عملية معقدة وبتنسيق دقيق مع أجهزة الأمن التي تابعت تحركاته عن كثب، فيذكر أن الجيش اللبناني كان قد نفذ عمليات رصد وملاحقة لأتباع الأسير بعد المواجهات التي وقعت في عبرا، وهي منطقة شرق صيدا.
وأثناء التحقيق، كشف الأسير أن رفيق دربه الشيخ يوسف حنينة، الذي كان ضمن دائرته المقربة، قد غادر لبنان إلى تركيا عبر مطار بيروت باستخدام مستندات مزورة، وقد شجعه نجاح حنينة في الهروب على محاولة القيام بنفس الخطوة. أظهرت الصور المسربة لاحقاً أن حنينة كان قد غيّر مظهره أيضاً، مما أثار لبساً حول هوية الأسير الحقيقية.
وتجدر الإشارة إلى أن أحمد الأسير كان مطلوباً بموجب مذكرة توقيف بتهم التحريض والمشاركة في مواجهات مع الجيش اللبناني في مدينة صيدا في يونيو 2013، كما كان الجيش اللبناني قد أوقف في وقت سابق أحد مرافقي الأسير الشخصيين أثناء محاولة فراره عبر مطار بيروت.
وأثارت أخبار اعتقال أحمد الأسير موجة من الاحتجاجات في مدينة صيدا، حيث نظمت زوجته وبعض مناصريه اعتصامًا للمطالبة بإطلاق سراحه.
وواجهت القوى الأمنية صعوبات في فض الاعتصام، مما أسفر عن مواجهات مع السيدات المشاركات، في هذا السياق، وصف الشيخ بلال دقماق، رئيس جمعية اقرأ، اعتقال الأسير بالنبأ الحزين، واعتبر أن حزب الله هو المسؤول عن إيقاعه في فخ القتال ضد الجيش اللبناني.
وكان الأسير قد ظل طليقًا منذ الاشتباكات التي وقعت بين أنصاره والجيش اللبناني عام 2013، والتي أسفرت عن مقتل 17 جنديًا، بعد ذلك، قاد الأسير أتباعه للقتال إلى جانب المعارضة في سوريا ردًا على مشاركة حزب الله في العمليات العسكرية في سوريا.
وأصدر قاضي التحقيق العسكري الأول في بيروت مذكرة توقيف غيابية بحق أحمد الأسير في 23 يونيو 2013، على خلفية تورطه في اشتباكات مع الجيش اللبناني في بلدة عبرا، والتي أسفرت عن مقتل 19 عسكريًا و11 مسلحًا.
وتمكن الأسير ومجموعة من مرافقيه، بمن فيهم الفنان فضل شاكر، من الفرار ومنذ ذلك الحين كانا مختفيين، وطالب القضاء اللبناني بالإعدام للأسير و53 آخرين بتهمة تشكيل مجموعات إرهابية تستهدف الجيش ومؤسسات الدولة.
وأفادت مصادر عائلية أن صحة أحمد الأسير، المعتقل لدى مخابرات الجيش اللبناني، قد تدهورت بشكل ملحوظ بعد نقله من وزارة الدفاع إلى سجن الريحانية، وقد برزت مخاوف كبيرة بشأن حالته الصحية خلال زيارة عائلته الأخيرة له، حيث لاحظوا تراجعاً ملحوظاً في وضعه الصحي.
وأعربت شقيقته نهاد الأسير عن قلقها، قائلة إن شقيقها يبدو كشيخ مسن ويعاني من ضعف في الرؤية بعد منعه من استخدام نظارته الطبية، وهو يعاني أصلاً من مشاكل حادة في الرؤية.
وأضافت أن أحمد الأسير يتعرض لتأثيرات نفسية سيئة، حيث اكتشفت العائلة أثناء زيارة سابقة أنه تم نقله إلى سجن الريحانية ووضع في زنزانة تحت الأرض، مما زاد من معاناته.
وقالت نهاد إن الأسير بدا وكأنه على وشك الموت، حيث ظهرت آثار جروح على جسده بسبب نوبة حكة ناتجة عن الحساسية، وذلك بسبب نقص الأدوية اللازمة.
طالبت نهاد الأسير بضرورة نقل شقيقها إلى سجن رومية، الذي يوفر رعاية صحية أفضل، وشددت على ضرورة تأمين حقوقه كأي سجين آخر، في ظل الأدوية العديدة التي يتناولها يومياً، كما أكدت أن والدتها في حالة انهيار بسبب الوضع الصحي لابنها.
من جانبه، أكد المحامي نبيل الحلبي، رئيس مؤسسة لايف الحقوقية، أن الأسير لا يتلقى العناية الطبية اللازمة ولا يحصل على طعامه في الوقت المناسب، مما يشكل خطراً على حياته نظراً لإصابته بداء السكري.
وأوضح الحلبي أن سجن الريحانية غير مؤهل لاستقبال موقوفين لفترات طويلة، مطالباً بمعاملة الأسير كسجين عادي وفقاً للقوانين الدولية.
في ذات السياق، اعتبر الشيخ بلال دقماق، رئيس جمعية اقرأ، أن ما يتعرض له الأسير يعكس التعامل التمييزي مع الموقوفين السنة في لبنان، وتساءل عن الأسباب التي تجعل القوانين الخاصة تنطبق على طائفة معينة فقط، بينما يتم تجاهل مذكرات توقيف أخرى.
كما زار أعضاء هيئة العلماء المسلمين، الشيخ أحمد الأسير في سجنه، برفقة وكيله المحامي محمد صبلوح، بعد الحصول على إذن من النيابة العامة التمييزية.
وقد كانت هذه الزيارة هي الأولى التي يتلقاها الأسير من خارج دائرة ذويه ووكلائه منذ توقيفه.
وخلال الزيارة، أُخرج الأسير من زنزانته المنفردة لمقابلة ضيوفه في غرفة محايدة، حيث شكا من تدهور صحته وسوء ظروف إقامته في السجن الانفرادي، وأشار إلى تفاقم مرض الربو بسبب دخان سجائر السجناء، وأوضح أنه يعاني من طعام غير صحي لا يتناسب مع حالته الصحية.
وعلى الرغم من طلب وكلاء الأسير السماح بإدخال طعام له، فقد تم رفض الطلب خشية تسميمه، مما زاد من قلقهم بشأن حالته الصحية.