مناهضون
أكدت الإعلامية والمحللة السياسية اللبنانية ماريا معلوف، أن تحرير إقليم الأحواز المحتل من قبل ما تسمى بإيران يحتاج لدعم دولي، مشيرةً إلى إمكانية تكرار سيناريو شبيه بالسيناريو السوري في الأحواز.
وأضافت في حوار خاص لـ المكتب الإعلامي لحركة رواد النهضة لتحرير الأحواز “مناهضون”، أن النفوذ الإيراني في المنطقة تراجع بعد سقوط نظام بشار الأسد والضربات العديدة التي تلقاها حزب الله مؤخرًا، مشيرةً إلى أن سقوط النظام الإيراني اقترب.
وإلى نص الحوار:
هل تراجع النفوذ الإيراني في المنطقة؟
تراجع نفوذ وتأثير نظام الملالي الإقليمي، خصوصاً وكما هو معروف فقد اعتمدت طهران منذ سنوات استراتيجية “تصدير الثورة” من خلال دعم الميليشيات الموالية لها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، لكن في السنوات الأخيرة، تعرض هذا النفوذ لضربات متتالية، ففي لبنان، حزب الله، الذي كان يُعتبر الذراع الأبرز لإيران في المنطقة، يواجه أزمات غير مسبوقة، سواء على المستوى السياسي أو الشعبي أو الاقتصادي. فمع تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان، أصبح الحزب أكثر عزلة داخليًا، وفقد جزءًا من الدعم الذي كان يتمتع به حتى داخل بيئته، بالإضافة إلى ذلك، هناك توجه دولي واضح لتقويض نفوذ الحزب من خلال فرض العقوبات واستهداف مصادر تمويله، أما في سوريا و بعد أكثر من عقد على دعم إيران لنظام بشار الأسد، بدأت ملامح مرحلة جديدة تظهر، حيث لم تعد طهران اللاعب الرئيسي في الملف السوري، حيث سقط نظام الأسد ، اما النفوذ الإيراني في بغداد كان ركيزة أساسية لسياسة طهران الإقليمية، لكن الاحتجاجات الشعبية المتكررة، خاصة في المحافظات الجنوبية ذات الأغلبية الشيعية، أظهرت رفضًا متزايدًا للهيمنة الإيرانية. كما أن الحكومة العراقية الحالية تبنت سياسات أكثر استقلالية عن طهران، في ظل تصاعد التيارات الوطنية العراقية المناهضة للتدخلات الإيرانية.
ما التحديات الداخلية التي تواجهها إيران؟
إلى جانب التراجع الإقليمي، يواجه نظام الملالي تحديات داخلية متصاعدة، تتصدرها الاضطرابات الشعبية ، فقد تابعنا على مدى السنوات الأخيرة، احتجاجات متكررة شملت مختلف شرائح المجتمع، من العمال والطلاب إلى الأقليات العرقية، وكلها حملت مطالب واضحة تتعلق بالحريات السياسية وتحسين الأوضاع الاقتصادية، هذا إضافة إلى الانقسامات داخل النظام، فالتقارير الواردة من طهران تشير إلى تصاعد الخلافات بين أجنحة النظام، خاصة بين المؤسسة الدينية والحرس الثوري، وهو ما يضعف تماسك السلطة، ناهيكم عن العزلة الدولية والعقوبات الاقتصادية، حيث تعاني إيران من عقوبات خانقة أثّرت بشكل كبير على اقتصادها، مما زاد من السخط الشعبي، وقلّل من قدرة النظام على تمويل مشاريعه الإقليمية.
ولكن.. هل اقترب النظام الإيراني من السقوط؟
النظام الإيراني في موقف صعب، لكن هل يعني ذلك أنه يقترب من السقوط؟ لا يزال النظام يمتلك أدوات قمع قوية، بالإضافة إلى قاعدة مؤيدة داخلية، لكنه يواجه أصعب اختبار منذ ثورة الخميني عام 1979. لذا فإن سقوطه قد لا يكون مسألة وقت فحسب، بل مرتبط بعوامل أخرى، مثل مدى قدرة المعارضة الداخلية على التنظيم، وإمكانية حدوث تحولات دولية مفاجئة تسرّع بانهياره.
ما تقييمك لفترة حكم بزشكيان؟
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان جاء إلى السلطة في مرحلة حرجة، حيث تتزايد الضغوط الداخلية والخارجية على إيران. ومنذ توليه الحكم، قدم بعض الإشارات التي فسّرها البعض على أنها محاولات للانفتاح، لكن السؤال الأهم: هل يمتلك القدرة على إحداث تغيير حقيقي؟وللاجابة على ذلك كمراقبة لاحظت بعض الإشارات الإيجابية في سياسته، فخلال اجتماعات الأمم المتحدة، أطلق بزشكيان خطابًا مختلفًا نسبيًا عن أسلافه، حيث وصف الشعب الأميركي بأنه “أخ للشعب الإيراني”، في إشارة إلى رغبته في تحسين العلاقات مع واشنطن، اضافة الى قيامه بتعيين محمد جواد ظريف مستشارًا خاصًا للشؤون السياسية والدبلوماسية يعكس توجهه نحو تبني سياسة أكثر مرونة في العلاقات الخارجية.
ولكن لا بد من القول أن بزشكيان يواجه تحديات فعلى الرغم الاشارات الايجابية، إلا أن سيطرة المرشد الأعلى علي خامنئي والحرس الثوري تحدّ بشدة من قدرته على تنفيذ إصلاحات حقيقية، إضافة إلى الحراك الشعبي في إيران يطالب بتغييرات جوهرية وليس مجرد تعديلات شكلية، وبزشكيان لم يُظهر حتى الآن أي مؤشرات على استعداده لمواجهة المؤسسة الدينية أو الأمنية لتحقيق ذلك.
وهو يحاول أن يقدم نفسه كرئيس إصلاحي، لكن في ظل القيود المفروضة عليه، فإن حكمه لا يزال في مرحلة “المراوحة في المكان” دون تحقيق أي تقدم حقيقي نحو الإصلاح.
متى يحصل الأحوازيون على حقوقهم؟
الأحواز، الغنية بالنفط، ظلت لسنوات طويلة منطقة مهمشة رغم أهميتها الاقتصادية. مطالب الأحوازيين بالاستقلال ليست جديدة، لكنها واجهت على الدوام قمعًا شديدًا من قبل السلطات الإيرانية، ولكن لا بد من القول أن هناك معوقات أمام تحقيق الحقوق الأحوازية، أبرزها التجاهل الدولي للقضية، وذلك على رغم تقارير المنظمات الحقوقية حول الانتهاكات في الأحواز، إلا أن القضية لم تحظَ بعد بالدعم الدولي الكافي، ولا ننسى وجود القبضة الأمنية الإيرانية، فنظام الملالي يتعامل مع أي تحرك في الأحواز بمنتهى الحزم، مما يجعل تحقيق أي مكاسب صعبًا دون تغييرات سياسية كبرى في طهران.
وعليه الواقعية تدفعني للقول أنه لن يتمكن الأحوازيون من تحقيق حقوقهم الكاملة إلا في حالتين: إما سقوط النظام الإيراني، أو حصولهم على دعم دولي وإقليمي قوي يفرض واقعًا جديدًا على الأرض.
هل نرى دولة أحوازية قريبًا؟
مسألة قيام دولة أحوازية مرهون بعدة عوامل رئيسية ولعل ابرزها مدى تدهور الأوضاع داخل إيران، حيث كلما ضعفت سلطة طهران، زادت فرص الحركات الاستقلالية، اضافة الى مدى توحد المعارضة الإيرانية حول حق تقرير المصير للأحوازيين، وتنامي الدعم الدولي والإقليمي للقضية.
ولكن حتى الآن، هذه العوامل التي ذكرت لم تكتمل، لذا فإن إعلان دولة أحوازية في المدى القريب يبدو أمرًا غير مرجح، لكنه يظل خيارًا قائمًا على المدى البعيد إذا توافرت الظروف الملائمة.
هل يتكرر السيناريو السوري في الأحواز؟
السيناريو السوري كان حربًا أهلية طويلة ومعقدة، أما في الأحواز، فإن الأمر مختلف ففي حال سقوط النظام الإيراني، قد تشهد الأحواز انتفاضة مسلحة للمطالبة بالاستقلال، إضافة إلى تدخل أطراف إقليمية لدعم القضية الأحوازية، مما قد يؤدي إلى صراع شبيه بما حدث في سوريا، لكن بصورة أقل تعقيدًا.
لذا أرى أن السيناريو السوري قد لا يتكرر بنفس التفاصيل في الأحواز، لكن من المؤكد أن أي تحرك نحو استقلال الإقليم لن يكون سلميًا بالكامل.