مناهضون

حركة رواد النهضة لتحرير الأحواز

مكتب الإعلام

تقارير

عقب كارثة حزب الله.. كيف أصبحت إيران أمام السيناريو المعقد؟

مناهضون

 

 

تواجه إيران اليوم تحديات هائلة تعقب كارثة كبرى في لبنان، تُذكرنا بسيناريو مشابه لما حدث في حرب فوكلاند عام 1982، حينما أدت الهزيمة الأرجنتينية إلى انهيار حكم المجلس العسكري.

فبعد سنوات من استثمار الوقت والموارد في بناء ما يُعرف بـ”محور المقاومة” الذي يقوده حزب الله، وجدت إيران نفسها في مواجهة سيناريو معقد يتطلب إعادة تقييم استراتيجياتها الإقليمية والداخلية.

والكارثة التي ضربت حزب الله، أبرز وكلاء إيران في المنطقة، تُنذر بتداعيات بعيدة المدى على توازن القوى الإقليمي والسياسات الإيرانية الداخلية والخارجية.

حيث تشير التطورات الأخيرة في لبنان، بدءاً من السابع عشر من سبتمبر، إلى أن إسرائيل تمكنت من تحييد المئات من مقاتلي حزب الله واغتيال عدد من كبار قياداته السياسية والعسكرية.

فهذه الهجمات المستمرة تمثل ضربة قاصمة لمحور المقاومة الذي كانت إيران تسعى من خلاله لتطويق إسرائيل وردعها عن استهداف بنيتها التحتية النووية.

ومع قطع رأس حزب الله سياسياً وعسكرياً، باتت إسرائيل قادرة على التحرك بحرية أكبر لاستهداف منشآت إيران النووية، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد بالنسبة للنظام الإيراني.

وهذا الوضع الميداني لا يقتصر تأثيره على حسابات النظام الخارجية فحسب، بل يتعداه ليؤثر على الداخل الإيراني حيث تغذي تلك الانتكاسات المعارضة الداخلية المتزايدة.

ولكن على خلاف الأنظمة العسكرية التي انهارت بعد هزائمها الخارجية، لا تُظهر النخب الحاكمة في إيران أي نية للتخلي عن السلطة.

فالتخلي عن البرنامج النووي بالنسبة لطهران ليس خياراً مطروحاً، إذ أن ذلك قد يؤدي إلى انهيار النظام ذاته.

وفي هذا السياق، قد تتجه إيران نحو تسريع امتلاك سلاح نووي، بهدف إعادة التوازن مع إسرائيل من جهة، وتعزيز قمعها للمعارضة الداخلية من جهة أخرى.

فمنذ فترة تبنت إيران استراتيجية الاعتماد على حلفائها ووكلائها من غير الدول لإبقاء خصومها تحت السيطرة، وهي استراتيجية أتاحت لها مواصلة تطوير برنامجها النووي دون أن تتعرض لهجمات مباشرة.

 

فالهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 يعكس بوضوح هذه الاستراتيجية، ففي ضربة واحدة، نجحت حماس في إحداث تغيير استراتيجي على عدة مستويات: من تعطيل عملية التطبيع الدبلوماسي بين السعودية وإسرائيل إلى إذلال المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية.

ورغم أن إسرائيل والولايات المتحدة لم توجه اتهامات مباشرة إلى إيران بتدبير هذا الهجوم، فإن المكاسب الإيرانية كانت مؤقتة.

فبدلاً من حصر المواجهة في غزة، وسعت إسرائيل عملياتها لتشمل حزب الله، بل وقامت بتنفيذ غارات جوية في دمشق استهدفت مجمع السفارة الإيرانية، ما أسفر عن مقتل ثمانية من ضباط الحرس الثوري الإيراني.

وإيران الآن في موقف حساس، حيث تعجز دفاعاتها الجوية عن مجاراة التفوق التكنولوجي الإسرائيلي، ما يجعل البنية التحتية النووية الإيرانية عرضة للهجوم، ومع ذلك لا يزال لدى طهران القدرة على شن هجمات صاروخية على أهداف إسرائيلية، ولكن دون ضمان تحقيق أي نجاحات مستدامة.

والنظام الإيراني يواجه اليوم خيارين كلاهما صعب؛ إما الاستسلام والقبول بالقيود الدولية، أو الاندفاع نحو امتلاك السلاح النووي بهدف تحقيق توازن استراتيجي مع إسرائيل.

إذا استلهمت إيران درس معمر القذافي في ليبيا، فإن التخلي عن البرنامج النووي قد يؤدي إلى زعزعة النظام داخلياً، كما حدث في ليبيا عام 2011، حينما دعمت قوى خارجية المعارضة وأطاحت بالقذافي.

لذا، قد تجد إيران نفسها مضطرة لتسريع خطواتها نحو امتلاك السلاح النووي، مع مضاعفة قمعها للمعارضة الداخلية، حتى لو كان ذلك على حساب الدخول في مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة أو إسرائيل.

وفي ظل هذه الظروف، يصعب تصور أن النظام الإيراني، المعروف بحساباته الدقيقة، سيتجه نحو قرار مشؤوم قد يؤدي إلى نهاية حكمه، إلا أن الوضوح المتزايد للخيارات المتاحة أمام النظام يعكس حجم التحولات الكبيرة التي طرأت على المشهد الإيراني خلال الأشهر القليلة الماضية.

التعليقات

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *