مناهضون
منذ عقود، بات الجوع في الأحواز أداة رسمية ضمن ترسانة الاحتلال الإيراني لقمع الشعب الأحوازي وفرض السيطرة عليه، فبينما تبدو السياسات القمعية التقليدية واضحة المعالم، مثل الاعتقالات التعسفية والاضطهاد السياسي، يبرز التجويع كتكتيك طويل الأمد يهدف إلى تدمير مقومات الحياة اليومية وإضعاف المجتمع من الداخل، ليصبح الشعب أسهل إخضاعًا.
ـ تجفيف المياه والأنهار:
بدأت سلطات الاحتلال الإيراني منذ الثمانينيات في تحويل مجاري الأنهار الأحوازية، وعلى رأسها نهر كارون، الذي يُعد شريان الحياة للزراعة والصناعة المحلية.
حيث أدت هذه السياسات إلى جفاف مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، وتراجع الإنتاج الزراعي بنسبة كبيرة، ما تسبب في زيادة معدلات الفقر وانعدام الأمن الغذائي.
هذه السيطرة على المياه لم تكن مجرد خطوة بيئية، بل أداة استراتيجية لإخضاع السكان وتجريدهم من استقلالهم الاقتصادي.
ـ الاقتصاد:
يواجه الأحوازيون تهميشًا ممنهجًا في سوق العمل، حيث يتم استبدالهم بالعمال من مناطق أخرى، خصوصًا في المشاريع النفطية والمصانع، بينما يظل المجتمع المحلي عاجزًا عن تلبية احتياجاته الأساسية.
هذا التضييق الاقتصادي، إلى جانب غلاء المعيشة وارتفاع أسعار الغذاء، يعمق معاناة السكان ويجعلهم رهائن لسياسات الاحتلال.
ـ التحكم بالغذاء:
لا تقتصر الاستراتيجية على الموارد والمياه فحسب، بل تمتد إلى التحكم المباشر في المواد الغذائية، حيث تشهد القرى والمدن نقصًا متعمدًا في السلع الأساسية مثل الخبز والوقود.
كما يتم التحكم في أسواق البيع والتوزيع لإبقائها تحت السيطرة، ما يخلق حالة من الضغط النفسي والمادي المستمر على الأهالي.
ـ التجويع كسلاح سياسي وأمني:
يتضح استخدام الجوع كسلاح حقيقي خلال الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية، إذ تلجأ السلطات إلى حصار المناطق وقطع الإمدادات الغذائية والدوائية، بهدف كسر عزيمة المتظاهرين وإجبارهم على الخضوع.
وتُظهر التقارير الحقوقية أن هذا التكتيك أصبح جزءًا ثابتًا من استراتيجيات قمع الأحواز، ويعكس فهم الاحتلال الإيراني أن التجويع أداة أكثر فاعلية من القوة العسكرية وحدها.
ـ كارثة بيئية:
سياسات الاحتلال الإيراني تسببت في كوارث بيئية عميقة، مثل جفاف الأنهار والأهوار، وتلوث الأراضي الزراعية والصيد البحري، ما أدى إلى فقدان الموارد الطبيعية وتدهور الأمن الغذائي.
هذه الأزمة البيئية تُضاعف معاناة الأهالي، وتخلق مجتمعًا يعتمد كليًا على توزيعات غذائية مركزية يسيطر عليها الاحتلال، مما يحول الجوع إلى أداة سياسية واستراتيجية فعالة.





