مناهضون
المياه شريان الحياة وأحد أهم الموارد التي تعتمد عليها الشعوب لاستمرار حياتها وتنميتها، ومع ذلك فإن هذا المورد الحيوي أصبح عرضةً للانتهاك الممنهج في العديد من المناطق، ومنها الأحواز المحتل من قبل إيران.
حيث يُعتبر نهر كارون الذي كان في الماضي واحداً من أعظم وأغزر أنهار المنطقة، مثالاً واضحاً على هذه الانتهاكات، إذ تعرض النهر لاستغلال مفرط وتحويل مساره وتجفيف موارده بشكل متعمد، مما أدى إلى أزمات بيئية واقتصادية واجتماعية أثرت على حياة سكان الإقليم.
نهر كارون:
نهر كارون هو أطول الأنهار في الأحواز ويعتبر أهم مصدر مائي في الأحواز إذ يمتد لأكثر من 950 كيلومتراً ويصب في شط العرب، كان النهر مصدراً أساسياً لري الأراضي الزراعية الخصبة التي عُرف بها الإقليم، كما كان يُستخدم لتوفير مياه الشرب لسكان الأحواز والعديد من المدن المجاورة، فضلاً عن ذلك كان كارون شرياناً اقتصادياً للنقل والتجارة بسبب امتداد مساره عبر المناطق الحيوية.
السياسات الإيرانية تجاه نهر كارون:
منذ احتلال الأحواز عام 1925، بدأت سلطات الاحتلال الإيراني في تنفيذ خطط تهدف إلى تدمير البنية البيئية والاقتصادية للإقليم بهدف إضعاف سكانه الأصليين.
وكان نهر كارون هدفاً رئيسياً في هذه السياسات، حيث تعرض لتدمير منهجي عبر الخطوات التالية:
– تحويل مجرى النهر إلى مناطق أخرى: قامت سلطات الاحتلال الإيراني بتحويل مياه نهر كارون إلى الأقاليم الفارسية مثل أصفهان ويزد وكرمان، عبر مشاريع ضخمة لنقل المياه، هذا التحويل أدى إلى انخفاض حاد في مستوى المياه في النهر داخل الأحواز، مما ألحق أضراراً جسيمة بالزراعة المحلية وأدى إلى جفاف العديد من الأراضي.
– تلويث مياه النهر: حولت إيران نهر كارون إلى مجرى للصرف الصناعي والنفايات الكيميائية، حيث تُلقي المصانع الإيرانية، وخاصة تلك الموجودة في الأحواز، كميات هائلة من المواد السامة والمخلفات في مياه النهر.
وقد أدى ذلك إلى تلوث كارثي جعل المياه غير صالحة للشرب أو الاستخدام الزراعي، متسبباً في أزمات صحية خطيرة بين السكان.
– بناء السدود الضخمة: أقامت سلطات الاحتلال الإيراني العديد من السدود على نهر كارون بهدف التحكم في تدفق المياه ومنعها من الوصول إلى الأحواز، هذه السدود تسببت في جفاف أجزاء كبيرة من النهر وحرمان المزارعين من مياه الري.
– إفقار السكان وتجويعهم: نتيجة لهذه السياسات، فقد مزارعو الأحواز مصدر رزقهم الأساسي، حيث جفت الأراضي الزراعية الخصبة، وانهارت أنشطة الصيد بسبب التلوث.
وأُجبر السكان على النزوح إلى المدن بحثاً عن فرص عمل، مما أدى إلى تفاقم معاناتهم الاجتماعية والاقتصادية.
الأثر البيئي والإنساني:
سياسات إيران تجاه نهر كارون لم تؤدِ فقط إلى جفاف النهر، بل تسببت في كوارث بيئية غير مسبوقة، من بينها:
ارتفاع معدلات التصحر في الإقليم.
انقراض العديد من الكائنات الحية التي كانت تعيش في النهر وحوله.
انتشار الأمراض بين السكان بسبب التلوث.
نقص حاد في مياه الشرب، مما أجبر السكان على الاعتماد على مصادر غير آمنة.
إجراءات مماثلة في أحواز:
لم تكن هذه السياسات مقتصرة على نهر كارون فحسب، بل امتدت لتشمل أنهاراً أخرى مثل نهر الكرخة والجعلي، التي تعرضت لمصير مشابه من تحويل مسارات وتجفيف وتلوث متعمد.
المطالب الشعبية والدولية:
أطلق الأحوازيون العديد من الحملات المحلية والدولية لفضح ممارسات إيران في تدمير نهر كارون وحرمان الإقليم من موارده الطبيعية.
كما طالبوا المنظمات الدولية بالتدخل لوقف هذه الانتهاكات، إلا أن السلطات الإيرانية مستمرة في تجاهل هذه الدعوات.