مناهضون
تعد المقابر التاريخية جزءاً مهماً من التراث الثقافي لأي شعب، فإلى جانب كونها مكاناً للراحة الأبدية، فهي تروي قصص الأجيال السابقة وتحفظ الذاكرة الجمعية للمجتمعات، ومع ذلك فقد تعرضت مقابر الأحواز في الآونة الأخيرة إلى هجوم متعمد من قبل الاحتلال الإيراني، الذي يواصل محاولاته في طمس معالم الهوية العربية الأحوازية، هذه الانتهاكات لا تقتصر على الأحياء فقط، بل تمتد لتشمل الأموات أيضاً، في مسعى لتحطيم إرث تاريخي طويل.
تدمير المقابر سياق الانتهاك:
منذ أن وقع الاحتلال الإيراني للأحواز كانت سياسة التدمير والتهجير والتغيير الديمغرافي جزءاً من استراتيجيات طهران لتحقيق سيطرتها الكاملة على الأحواز.
وكان التدمير الممنهج للمقابر جزءاً من هذه السياسة، حيث طالت العديد من الأماكن التي تضم رفات أجداد الأحوازيين، هذه المقابر التي تعد شاهداً على تاريخ المنطقة، تعرضت للتدمير بهدف محو معالم الهوية العربية في الأحواز.
وفي السنوات الأخيرة، تكثف الاحتلال الإيراني من عمليات التدمير عبر مشاريع بناء ضخمة تهدف إلى الاستفادة من أراضٍ تاريخية وثقافية، حيث جرى قلع شواهد القبور وإغلاق المقابر أو تحويلها إلى أراضٍ زراعية أو مواقع تجارية، هذا التدمير المتعمد يهدف إلى طمس ذكرى شعب مقاوم وتاريخ طويل من النضال.
أساليب التدمير والمشاركة المحلية:
تتعدد الأساليب التي يستخدمها الاحتلال الإيراني في تنفيذ هذه الانتهاكات، بعضها يشمل إزالة شواهد القبور باستخدام معدات ثقيلة، مما يعكس الإصرار على تدمير الأثر التاريخي والتاريخ الثقافي للأحوازيين، وهناك أيضاً محاولات لتحويل بعض المقابر إلى مناطق سكنية أو صناعية، مما يضاعف من مآسي العائلات التي فقدت أحبائها في هذه الأماكن.
من جهة أخرى، لا تقتصر الانتهاكات على القوات الإيرانية وحدها، بل يشارك فيها أحياناً عناصر من المجتمعات المحلية الموالية للاحتلال الإيراني، الذين يعملون ضمن مشروعات حكومية أو استثمارات تمولها الدولة، مما يعكس تعمق الانقسام الاجتماعي في المنطقة.
التداعيات الإنسانية والثقافية:
إن تدمير مقابر الأحواز لا يقتصر على فقدان الموقع المادي لتلك الأماكن، بل يتعدى ذلك ليطال الذاكرة الجماعية للشعب الأحوازي.
فالمقابر تمثل أداة اتصال مع الماضي، وشاهداً على تاريخ النضال والتضحيات التي قدمها الشعب الأحوازي ضد الاحتلال الإيراني، وعندما تُدمر هذه الأماكن، تُسلب الأجيال الحالية والقادمة الفرصة لتوثيق وإحياء ماضيهم.
وتعتبر هذه الأعمال أيضاً انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية، حيث إن استهداف الأماكن الدينية والثقافية يعكس استهتاراً بمشاعر الناس، ويعزز من بيئة الاضطهاد والقمع.
وتتزايد الاحتجاجات الشعبية على هذه الانتهاكات، ويزداد الوعي الدولي بشأنها، خاصة من المنظمات الحقوقية التي تطالب بوقف هذه السياسات.
ردود الفعل الدولية والمحلية:
تلقى انتهاك حقوق الإنسان في الأحواز، خصوصاً تدمير المقابر، إدانة واسعة على الصعيدين المحلي والدولي.
والمحافل الحقوقية الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة، أعربت عن قلقها إزاء استمرار هذه الانتهاكات، وطالبت بإجراء تحقيقات مستقلة.
من ناحية أخرى، فإن الاحتجاجات الشعبية في الأحواز تزداد تكراراً، إذ يرفض المواطنون الأحوازيون هذه السياسات ويحاولون تسليط الضوء على معاناتهم عبر منصات التواصل الاجتماعي، رغم محاولات القمع الإيراني.