مناهضون
تُعد الأهوار في الأحواز من أكبر وأهم النظم البيئية الرطبة في الشرق الأوسط، إذ تمتد بمساحات شاسعة وتشكل موطناً فريداً للحياة البرية ومصدر رزق للسكان المحليين الذين يعتمدون على الزراعة وصيد الأسماك، ومع ذلك أصبحت هذه الأهوار هدفاً لحرب مدمرة شنّها الاحتلال الإيراني منذ عقود بهدف تغيير طبيعتها وتفريغها من سكانها الأصليين، هذه الحرب لم تكن عسكرية فقط، بل اتخذت أبعاداً بيئية واقتصادية واجتماعية، وأثرت بشكل كارثي على المنطقة وسكانها.
الأهوار أهمية تاريخية واستراتيجية:
تقع الأهوار في جنوب الأحواز، وهي مناطق تغطيها المياه بشكل دائم أو موسمي، لطالما كانت الأهوار مركزاً حضارياً وتاريخياً في المنطقة، حيث عاشت فيها شعوب أصيلة تمتلك ثقافة مميزة تعود لآلاف السنين.
كما أنها تمثل بيئة غنية بالتنوع البيولوجي، ما جعلها مصدراً مهماً للمياه العذبة والموارد الطبيعية.
بداية الحرب على الأهوار:
بدأت حرب الاحتلال الإيراني ضد الأهوار بشكل منهجي منذ نهاية الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات، حيث اعتمد النظام الإيراني على سلسلة من الإجراءات الكارثية التي استهدفت الأهوار بشكل مباشر:
– تجفيف الأهوار: تم بناء سدود على الأنهار التي تغذي الأهوار، مثل نهر كارون والكرخة، بهدف تحويل مجرى المياه بعيداً عن المنطقة.
– تحويل المياه: عمدت السلطات إلى توجيه المياه إلى مشاريع زراعية وصناعية تخدم المناطق الإيرانية بعيداً عن الأحواز، ما أدى إلى تدمير الحياة الطبيعية في الأهوار.
– التلويث المتعمد: قامت السلطات بضخ مياه ملوثة ومخلفات صناعية في الأهوار، مما حولها إلى مناطق غير صالحة للحياة البشرية أو البرية.
الأهداف السياسية والاقتصادية:
لم تكن هذه الإجراءات عبثية، بل كانت تهدف إلى تحقيق عدة أهداف:
– تهجير السكان: أجبرت السياسات البيئية الكارثية سكان الأهوار على ترك مناطقهم بسبب تدهور ظروف المعيشة.
– السيطرة على الموارد: من خلال تدمير الأهوار، سعت السلطات الإيرانية إلى السيطرة على الموارد الطبيعية، مثل النفط والغاز الموجود تحت أراضي الأهوار.
– طمس الهوية: كانت الأهوار رمزاً من رموز الهوية الأحوازية، وتدميرها جزء من خطة الاحتلال لمحو التراث الثقافي والبيئي للشعب الأحوازي.
تأثير الحرب على البيئة والسكان:
أدت حرب الاحتلال الإيراني ضد الأهوار إلى نتائج كارثية، منها:
جفاف الأهوار: أصبحت المناطق التي كانت تغطيها المياه سابقاً أراضي قاحلة، ما أدى إلى اختفاء الحياة البرية والنباتية.
تهجير السكان: اضطر الآلاف من سكان الأهوار إلى الهجرة إلى المدن المجاورة أو إلى خارج البلاد، تاركين وراءهم أسلوب حياتهم التقليدي.
زيادة الفقر: فقد السكان مصادر رزقهم الأساسية بسبب تدمير البيئة الطبيعية.
تغير المناخ المحلي: أدى جفاف الأهوار إلى زيادة درجات الحرارة وتفاقم ظاهرة العواصف الرملية في المنطقة.
الجهود الدولية والمحلية:
رغم هذه الكارثة، لم تحظ قضية الأهوار بالاهتمام الكافي من المجتمع الدولي. ورغم إدراج أهوار جنوب العراق، التي كانت جزءاً من نفس النظام البيئي، ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، إلا أن الأهوار الأحوازية لم تحظَ بالحماية اللازمة.