مناهضون
بعد عقود من استثمار إيران في بناء تحالفات إقليمية متشابكة لتعزيز نفوذها العسكري والسياسي في الشرق الأوسط، تواجه طهران سلسلة من الانتكاسات الكبرى التي تهدد هذه الشبكة بشكل غير مسبوق، فرحيل بشار الأسد الحليف الأبرز لإيران في المنطقة، يشكل تحولًا استراتيجيًا غير مسبوق يضاف إلى سلسلة من الأحداث التي بدأت منذ الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في أكتوبر الماضي، مما يعيد تشكيل المشهد الأمني في الشرق الأوسط بشكل جذري.
وتجد إيران التي طالما اعتُبرت من القوى المهيمنة في المنطقة بفضل شبكة من الميليشيات وحلفاء الحكومات، نفسها اليوم في وضع مأزوم.
ووفقًا لتقرير نشرته وول ستريت جورنال، فإن سقوط نظام الأسد يمثّل “كارثة استراتيجية” لطهران، حيث كانت سوريا الحليف العربي الوحيد لإيران، وركيزة أساسية لخطوطها الدفاعية الإقليمية.
انهيار التحالف الإيراني في المنطقة:
وفي ظل التصعيد الأخير، تعرضت أركان التحالف الإيراني لضربات متتالية، حيث تمكنت إسرائيل من قتل معظم قادة حزب الله منذ سبتمبر، مما دفع من تبقى منهم إلى الاختباء، كما أدى هجوم حماس على إسرائيل إلى تغيير جذري في المعادلة الأمنية لإيران.
ويقول علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية: “سقوط الأسد يدمر الخط المتبقي من الدفاع الأمامي لإيران، سوريا كانت الجسر إلى حزب الله ومحور المقاومة. وبدونها، ينهار هذا المحور”.
تحديات داخلية وضغوط خارجية:
وتزامن هذا التراجع مع ضغوط داخلية متزايدة في إيران، حيث تقترب القيادة الدينية من نهاياتها مع تقدم المرشد علي خامنئي في العمر، وتزايد الاستياء الشعبي تجاه النظام الحاكم.
وفي الوقت ذاته، أصبحت إسرائيل أكثر جرأة، إذ نفذت غارات على منشآت عسكرية إيرانية وقتلت قادة من الحرس الثوري.
الخسائر الاقتصادية لحلفاء إيران:
إلى جانب الأثر السياسي والعسكري، تحمل هذه التطورات تداعيات اقتصادية هائلة على إيران وحلفائها.
ففي عام 2023، استوردت سوريا نحو 40 مليون برميل من النفط الإيراني عبر خطوط ائتمان، مع تقدير ديونها لإيران بعشرات المليارات من الدولارات.
أما حزب الله، الذي اعتمد بشكل كبير على سوريا كقاعدة مالية ولوجستية، فقد خسر معظم مصادر تمويله.
ويشير ناشطون إلى أن الحزب كان يستفيد من تهريب النفط والمخدرات، وخاصة تجارة الكبتاغون التي تبلغ قيمتها نحو 6 مليارات دولار سنويًا.
ضربة تاريخية لطموحات إيران:
يرى نورمان رول، المسؤول الأمريكي السابق عن شؤون إيران، أن انهيار نظام الأسد يُعدّ “ضربة استراتيجية ذات أبعاد تاريخية”.
وأضاف: قتلت إسرائيل جيلاً من قادة حزب الله والحرس الثوري في سوريا، ودمرت قدرتهم على التنسيق والعمل.
