مناهضون
مع تصاعد التوترات الإقليمية والدولية تجاه إيران، ووسط استعدادات إسرائيلية لشن هجوم ضدها في أكتوبر الماضي، تبنت طهران استراتيجية متباينة جمعت بين التهديدات المبطنة والمساعي التوددية، لضمان حياد الدول العربية، لا سيما الخليجية، في أي تصعيد محتمل، هذه التحركات تعكس سعي إيران لتأمين موقفها الإقليمي، بينما تواجه ضغوطاً متزايدة من الغرب وحلفائه.
زيارات ورسائل متناقضة:
في أكتوبر الماضي، كثف وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، زياراته إلى عدة دول عربية، في محاولة لضمان عدم دعمها لإسرائيل في أي هجوم محتمل على بلاده.
ورغم هذا التودد العلني، لا تغيب عن الأذهان الهجمات التي شنها الحوثيون، وكلاء إيران في اليمن، ضد أهداف مدنية وعسكرية في المنطقة، وبينما يبدو أن الأمور هدأت نسبياً بفعل محادثات بين الرياض والحوثيين، كما أوقفت جماعة الحوثي هجماتها على دول المنطقة واكتفت إيران بتوظيف تلك الميليشيات كوسيلة ضغط لتحقيق أرباح من القرصنة على الملاحة الدولية تحت ستار ضرورة وقف الحرب في غزة.
استراتيجية متغيرة بحسب الضغط:
يقول محللون إن تعامل إيران مع دول الجوار يعكس استراتيجيتها المتقلبة، حيث تلجأ إلى التهدئة إذا اشتدت الضغوط الغربية، لكنها تعود للتصعيد كلما خفت هذه الضغوط، وهو الأمر الذي يتوقف في الفترة الحالية للحفاظ على العلاقة الجيدة نسبيا في الآونة الأخيرة.
ويرى المحللون أن جماعة الحوثي تظل ورقة ضغط بيد إيران لتحقيق أهدافها الإقليمية، مؤكدين أن هذه الاستراتيجية لن تتغير بسهولة، رغم التودد الإيراني الأخير لدول المنطقة.
التقارب مع السعودية:
أحدث التقارب السعودي الإيراني، بوساطة صينية في مارس 2023، انفراجاً نسبياً في العلاقات بين البلدين بعد قطيعة استمرت سبع سنوات.
ولكن، رغم زيارة رئيس الأركان العامة السعودية، فيّاض بن حامد الرويلي، إلى طهران، يشير مراقبون إلى أن إيران لم تقدم تنازلات كبيرة تعزز ثقة السعودية والدول الخليجية، سواء في اليمن أو في ملفات أخرى كلبنان وغزة، ولكنها في الوقت نفسه تظهر نفسها كوجه لا يعبث بأمن واستقرار المنطقة.
مخاوف من عودة ترامب:
مع عودة الجمهوري دونالد ترامب للرئاسة الأميركية، تواجه إيران سيناريوهات ضاغطة قد تشمل إعادة فرض سياسة “الضغط الأقصى” وتشجيع إسرائيل على استهداف منشآتها النووية.
وبحسب محللون، فإن النظام الإيراني يدرك أنه في مفترق طرق خطير، بين خيار تقديم تنازلات استراتيجية أو التمسك بمشروعه التوسعي، ما قد يعرضه لعقوبات وضربات مدمرة.
توازن دقيق وتحديات مستمرة:
وعلى الرغم من المساعي الإيرانية، يعتقد خبراء أن دول المنطقة تسعى لتجنب صراع إقليمي جديد على حساب استقرارها.
ويضيف الخبراء، أن إيران تحاول استغلال العلاقات الخليجية الأميركية كوسيلة لحماية نفسها من ضغوط إسرائيلية وأميركية متزايدة.