مناهضون
في تحول استراتيجي غير مسبوق، يواجه ما يُعرف بـ”محور المقاومة” الإيراني تراجعًا كبيرًا في نفوذه الإقليمي، مع تصاعد الضغوط العسكرية والاقتصادية والسياسية على طهران وحلفائها في المنطقة، فالتراجع المتسارع في قدرات حزب الله في لبنان، وانهيار نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وترك حركة حماس في غزة دون دعم حقيقي، يعكس حجم الأزمات التي تواجهها إيران، التي استثمرت مليارات الدولارات في هذا المحور على مدار عقود.
تراجع المحور وتفكك الاستراتيجية الإيرانية:
تواجه إيران اليوم انهيارًا في أعمدة “محور المقاومة” الذي أسسته ودعمته لعقود.
فحزب الله، الذي طالما كان أحد أذرعها القوية، بات يعاني من تراجع قدراته بفعل الضربات الإسرائيلية التي استهدفت قيادته العليا وشبكاته العسكرية.
أما في غزة، فقد تُركت حماس في مواجهة منفردة، بينما انهار نظام بشار الأسد في سوريا بعد سنوات من الدعم الإيراني المكثف.
وتشير تقديرات إلى أن إيران قدمت لسوريا ما قيمته نحو 11 مليار دولار من النفط بين 2012 و2021، إضافة إلى دعم مالي شامل بلغ ما يقارب 50 مليار دولار، وفقًا لتقارير مسربة، ومع ذلك تبدو هذه الاستثمارات الآن وكأنها في طريقها للضياع، ما يثير مخاوف القادة الإيرانيين بشأن مستقبل نفوذهم الإقليمي.
هشاشة قيادة الحرس الثوري وتحديات فيلق القدس:
يأتي هذا التراجع وسط اتهامات بقيادة غير فعالة من قبل فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، غياب العقول المدبرة، مثل قاسم سليماني، وتراجع دور خليفته إسماعيل قاآني، زادا من تعقيد الموقف.
ووفقًا لتقارير داخلية، تفاجأت القيادة الإيرانية بالسرعة التي تدهورت بها الأوضاع في سوريا.
ورجل الدين الإيراني مهدي طائب، في تصريح سابق، أشار إلى أهمية سوريا بالنسبة لطهران قائلاً: “إذا احتفظنا بسوريا، فيمكننا استعادة خوزستان أيضًا، ولكن إذا فقدنا سوريا، فلن نتمكن من الاحتفاظ بطهران”.
هذا التصريح يعكس حجم الرهان الإيراني على سوريا كمحور استراتيجي، وهو رهان يبدو الآن في مهب الريح.
الشراكات مع الجماعات السنية ومحاولة احتواء الأضرار:
على الرغم من الخسائر، تستمر إيران في تعزيز شراكات مرنة مع مجموعات سنية متطرفة، مثل حماس وطالبان، بهدف حماية مصالحها.
تاريخيًا، كانت العلاقات مع طالبان متوترة، لكن إيران أظهرت براعة في التكيف مع الأوضاع الجديدة، حيث دعمت طالبان في مواجهتها للقوات الأمريكية في أفغانستان.
كما أن وجود فيلق القدس، الذي لا يزال يحتفظ بنحو 5000 ضابط في سوريا، يمنح طهران فرصة لإعادة تجميع قواها.
ولكن هذا الوجود يواجه تحديات مستمرة في ظل الضغوط الإسرائيلية والتراجع الإقليمي لحلفائها.
تداعيات داخلية وخيارات إيران المستقبلية:
تواجه إيران، التي تعيش خسائرها الأكبر منذ الحرب العراقية الإيرانية، ضغوطًا داخلية قد تدفعها لإعادة النظر في استراتيجيتها النووية.
هناك أصوات داخل طهران تدعو إلى تسريع تطوير الأسلحة النووية لضمان حماية النظام، بينما يطالب آخرون بالمفاوضات مع الغرب لشراء الوقت.
ةالمرشد الأعلى، علي خامنئي، الذي يبلغ من العمر 85 عامًا، يواجه تحديًا غير مسبوق يتمثل في التخطيط لخلافته وسط هذه الفوضى.
ومع انتخاب رئيس أمريكي جديد يتبنى سياسة الضغط القصوى، يبدو أن إيران ستُجبر على إعادة تقييم جذري لاستراتيجيتها الإقليمية.