مناهضون
يسعى حزب الله اليوم لتصوير أزمته الأخيرة بأنها انتصار، وهو مسار يعكس استراتيجية دائمة يتبعها الحزب لتحويل المصاعب إلى مكاسب رمزية، إلا أن هذه الرواية تصطدم بواقع جديد يفرض تحديات متزايدة على الحزب داخلياً وخارجياً، في وقت تتغير فيه المعادلات السياسية والعسكرية في لبنان والمنطقة.
حيث تشير التطورات الأخيرة إلى أن الجيش اللبناني قد يتجه نحو تنفيذ أوسع لتفويضه، مستفيداً من الزخم الشعبي والسياسي الداعم لتحركاته، هذا التوجه يضع حزب الله أمام معادلة معقدة، العودة إلى الوضع الذي كان عليه قبل أكتوبر 2023 تعني الدخول في مواجهة مباشرة مع الدولة اللبنانية، الجيش، ومعظم الأحزاب السياسية، مثل هذا التصعيد لن يؤدي فقط إلى عزل الحزب داخلياً، ولكنه قد يفتح الباب أمام تدخل إسرائيلي عسكري في حال استعادته لأسلحته الثقيلة في الجنوب، مما يضع الحزب أمام سيناريو حرب جديدة قد يخوضها دون دعم حقيقي من الداخل اللبناني أو حلفائه الإقليميين.
الدور الإيراني في تحديد مصير حزب الله:
ففي الوقت الذي يتوقع البعض أن تعمل طهران على استعادة الحزب لمكانته السابقة، يظهر تساؤل أساسي حول الجدوى من هذا المسعى.
فاستراتيجية “وحدة الساحات”، التي كانت تهدف إلى تنسيق العمليات بين حزب الله وحلفاء إيران في المنطقة، انتهت بكارثة كبيرة، فقد أُضعف الحليفان الرئيسيان لإيران في مواجهة إسرائيل، وربما لعقود قادمة، ما جعل من الصعب تبرير أي استثمار جديد في الحزب.
كما أن إعادة بناء الحزب والمجتمع الشيعي الذي يدعمه يتطلب موارد ضخمة لا يبدو أن الاقتصاد الإيراني المأزوم قادر على توفيرها، خاصة مع احتمالية فرض عقوبات أمريكية جديدة، ويضاف إلى ذلك حالة عدم اليقين المرتبطة بانتقال القيادة الإيرانية بعد المرشد الأعلى علي خامنئي، ما قد يزيد من هشاشة النظام ويحد من قدرته على تبني استراتيجيات قد تؤدي إلى استياء داخلي واسع.
وباتت محاولة تصوير الأزمات على أنها انتصارات استراتيجية متكررة لحزب الله، إلا أن ذلك يزيد من السخرية والإحباط لدى الشارع اللبناني.
والحقيقة المؤلمة التي تظهر من هذه الأحداث هي أن لبنان وشعبه يدفعون ثمن الصراع الإيراني الإسرائيلي، فيما يتحول حزب الله إلى عبء سياسي وأمني على الدولة اللبنانية.