مناهضون
“يعد الشيخ حارث الضاري من العلماء العراقيين المؤثرين في العراق والوطن العربي، والذي كانت له مواقف بارزة في القضايا العربية، وكانت تهابه أمريكا بسبب تصديه لمشروعها الاحتلالي في البلاد.”
“ولد الشيخ حارث الضاري في خان ضاري في قضاء أبي غريب ببغداد عام (1941م)؛ من عائلة تعد واحدة من كبرى العائلات العراقية، وتعلم في البداية القرآن الكريم، ثم دخل مدرسة (الآصفية) الدينية في مدينة الفلوجة، وحصل منها على الشهادة الثانوية الدينية.”
وفي عام (1964م)، التحق الشيخ حارث بجامعة الأزهر، وحصل على شهادة البكالوريوس من كلية أصول الدين، ثم حصل على شهادتَي ماجستير في التفسير عام (1969م)، وشهادة ماجستير ثانية في الحديث عام (1971م)، ثم نال الدكتوراه في الحديث عام (1978م).
وبعد إكماله الدراسة؛ عاد الشيخ حارث الضاري إلى العراق، وعمل مفتشًا في وزارة الأوقاف، ثم معيدًا في جامعة بغداد التي حصل منها على لقب الأستاذية. عمل في التدريس سنة (1997م) في جامعة اليرموك بالأردن، ثم في كلية الدراسات الإسلامية والعربية في دبي، ثم في جامعة عجمان بالأمارات، ثم تقاعد بعد أن قضى أكثر من (32 عامًا) في التعليم الجامعي، وتفرغ لإدارة هيئة علماء المسلمين في العراق بعد تأسيسها في نيسان/أبريل عام (2003م).
تبنّى الشيخ حارث الضاري مشروعًا سياسيًا لرفض الاحتلال الأمريكي وعمليته السياسية ومخرجاتها، وتميز بخطابه الداعي إلى الوحدة بين أبناء الشعب العراقي، ورفض تقسيم العراق، والمطالبة برحيل قوات الاحتلال، والحفاظ على ثروات العراق، وصيانة هويته وتاريخه.
كان الشيخ حارث الضاري بمثابة الأب الروحي للمقاومة العراقية التي وقفت في وجه الاحتلال الأمريكي، ورفض المشاركة في الانتخابات التي أجريت أواخر كانون الثاني/يناير عام (2004م) في ظل الاحتلال.
ونتيجة لمواقفه هذه؛ واجه مضايقات عديدة من بينها مذكرة اعتقال، اضطر بسببها إلى الخروج من العراق والاستقرار في الأردن، ليستمر في ممارسة مناهضته لنظام الحكم الطائفي في بغداد.
دعا الشيخ حارث الضاري الشعب العراقيين إلى القيام بثورة شعبية سلمية ضد حكومة نوري المالكي عام (2013م)، وبعدما أقدم الأخير على قمع الاعتصامات في ست محافظات عراقية مستخدمًا القوّة العسكرية؛ حملت العشائر العراقية في بعض المناطق السلاح للدفاع عن نفسها، وقد عدّ الضاري ذلك ثورة من أجل رفع الظلم عن جميع المظلومين والمستضعفين في العراق، وإجراءً طبيعيًا ضد ممارسات إجرامية وسياسات طائفية استبدادية اتبعها رئيس الحكومة نوري المالكي المعروف بتبعيته لإيران.
كشف الشيخ حارث الضاري وفي أكثر من مناسبة وموقف؛ عن جرائم المالكي بحق العراقيين، الذي قتل وهجر مئات الآلاف، وسجن الآلاف بدوافع طائفية، وذلك للحفاظ على ولائه لإيران، وقد حذر الضاري العرب أنظمة وشعوبًا من مخاطر النظام السياسي القائم في العراق، وبالأخص نوري المالكي الذي كان يؤسس لمشروع نفوذ إيران في العراق وسعيها للتمدد نحو دول المنطقة، وكان استشرافه صحيحًا حينما استطاعت طهران لاحقًا الاستيلاء على أربع عواصم عربية تغوّلت فيها وباتت تتحكم في مصيرها.
عُرف الشيخ الضاري بمواقفه المناصرة للقضايا العربية، ومن أهمها: القضية الفلسطينية، والأحوازية، وكانت له مواقف واضحة في رفض ومقاومة الاحتلال الصهيوني في فلسطين، والاحتلال الإيراني الغاشم للأحواز، ومناصرة الشعب السوري والشعب اليمني، وغيرهما من الشعوب المضطهدة.
للشيخ حارث الضاري مؤلفات وبحوث عديدة معظمها في علوم الحديث النبوي، وقد طبع منها: (الإمام الزهري وأثره في السنة)، و(محاضرات في علوم الحديث)، و(أبو هريرة) و(الجهاد؛ أحكامه ومشروعيته) و(تفسير القرآن الكريم للمرحلة الثانوية)، بالاشتراك مع الدكتور مساعد مسلم آل جعفر.
توفي الشيخ حارث الضاري في مدينة إسطنبول بتركيا صباح يوم الخميس 12 آذار/مارس عام (2015م)، بعد معاناة مع المرض، ووري جثمانه الثرى في الأردن التي نقل إليها في اليوم التالي، بعدما صلى عليه المئات من العراقيين والأردنيين والفلسطينيين والأتراك وغيرهم صلاة الجنازة في مسجدَي: الفاتح بإسطنبول، والملك الحسين في عمّان، بحضور العشرات من الشخصيات الإسلامية العاملة في المجالات الأكاديمية والدعوية والسياسية.
أما ابنه الدكتور مثنى حارث الضاري، فقد ولد أيضًا في بغداد عام (1969م)، وتدرج في التعليم حتى حصل على بكالوريوس الشريعة الإسلامية من جامعة بغداد عام (1991م)، ثم حصل على الماجستير في أصول الفقه عام (1995م)، والدكتوراه في أصول الفقه وعلاقته بالسياسة الشرعية من جامعة بغداد أيضًا عام (2000م).
وعمل الدكتور مثنى الضاري محاضرًا في كلية العلوم الإسلامية في جامعة بغداد بين عامي (1997م) و(2002م)، ثم بدأ حياته السياسية، حيث شارك في المجلس التأسيسي لهيئة علماء المسلمين في العراق، وصار مسؤولاً لقسم الثقافة والإعلام فيها.
اعتقلت قوات الاحتلال الأمريكية الدكتور مثنى الضاري عام (2004م)؛ لمهاجمته الاحتلال ومشروعه أثناء لقاء تلفزيوني عام (2004م)، قبل أن تطلق سراحه في وقت لاحق، وقد اتهمته سلطات الاحتلال بإصدار أوامر لتنفيذ عمليات المقاومة العراقية، ومنها محاولة اغتيال قائد القوات الأمريكية في العراق.
غادر الدكتور مثنى الضاري العراق سنة (2008م) لحضور مؤتمر خارج العراق؛ ولم يستطع العودة لبلده بسبب صدور مذكرات اعتقال بحقه، ومن ثم إدراجه لاحقًا من قبل لجنة خاصة في مجلس الأمن على لائحة الإرهاب، وقد انتخب بعد وفاة والده الشيخ حارث الضاري في (2015م)، أمينًا عام لهيئة علماء المسلمين في العراق بإجماع مجلسَي الأمانة العامة ومجلس الشورى، وأثناء توليه هذه المهمة أطلقت الهيئة مبادرة العراق الجامع لإنقاذ العراق والمنطقة التي انبثق منها مشروع الميثاق الوطني العراقي.
يتولى الدكتور مثنى الضاري حاليًا مسؤولية القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق، وله بحوث ودراسات ولقاءات ومحاضرات شرعية وفكرية وسياسية كثيرة في القضايا والشؤون ذات الصلة بالعراق والعالمين العربي والإسلامي.