مناهضون
مع دخول عام 2025، تجد إيران نفسها في أضعف حالاتها منذ عقود، وسط تصاعد الضغوط الدولية والإقليمية، فقد شهدت العقود الماضية صعودًا واضحًا لنفوذ طهران الإقليمي عبر شبكة من الميليشيات الحليفة، إلا أن التحولات الأخيرة تشير إلى بداية أفول هذا النفوذ، وكتاب الباحث محسن ميلاني يقدم تحليلًا شاملًا لمسار إيران خلال السبعين عامًا الماضية، مع التركيز على التحديات التي تواجهها اليوم، خاصة في ظل التوترات المتزايدة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، والتغيرات الجذرية في موازين القوى الإقليمية.
التغيرات الجذرية في النفوذ الإيراني:
يؤكد ميلاني أن إيران بلغت ذروة نفوذها الإقليمي في مطلع القرن الحادي والعشرين، بعد أن استفادت من الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 لإحكام قبضتها على بغداد، وتعزيز علاقاتها مع نظام الأسد في سوريا، وحزب الله في لبنان، والفصائل الفلسطينية.
غير أن التحولات الأخيرة تشير إلى تراجع كبير في هذا النفوذ، لا سيما بعد اغتيال الجنرال قاسم سليماني عام 2020، الذي كان العقل المدبر لتنسيق الميليشيات التابعة لطهران.
كما يُبرز الكاتب أن الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات أسهمت في تعزيز النظام الإيراني، حيث حشدت القيادة الإيرانية الشعب خلفها رغم الخسائر الفادحة.
لكن هذه الديناميكية لم تتكرر بعد الأزمات الأخيرة، إذ بات النظام يواجه عزلة متزايدة، بينما أصبحت ميليشياته أكثر استقلالية وأقل فاعلية في تنفيذ استراتيجيته الإقليمية.
انعكاسات هجوم 7 أكتوبر 2023:
وفقًا لميلاني، شكّل هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 نقطة تحول خطيرة، حيث أدى إلى رد إسرائيلي غير مسبوق قلب موازين القوى في المنطقة.
فقد تكبّدت حماس خسائر هائلة، فيما دفع حزب الله وإيران ثمنًا استراتيجيًا باهظًا، مع تراجع قدرة طهران على التأثير في الملف الفلسطيني. كما ساهمت هذه الأحداث في إنهاك الدعم الروسي والإيراني لنظام الأسد، ما أدى إلى انهياره في ديسمبر من العام ذاته.
الخيار النووي أم الاتفاق مع واشنطن؟
في ظل هذه التحديات، تواجه طهران خيارًا استراتيجيًا مصيريًا، فهل تواصل التقدم نحو امتلاك سلاح نووي، ما قد يستدعي ضربة عسكرية استباقية من إسرائيل والولايات المتحدة؟ أم تسعى إلى إعادة التفاوض على اتفاق جديد مع إدارة أمريكية يقودها دونالد ترامب، مقابل تقديم تنازلات إقليمية؟
يطرح ميلاني تساؤلًا مهمًا حول ما إذا كانت إيران قادرة على التكيف مع هذه المتغيرات، مشيرًا إلى أن الأولوية القصوى للنظام ليست التوسع الإقليمي بحد ذاته، بل الحفاظ على استمراريته داخليًا، حتى لو كان ذلك على حساب المصالح الوطنية لإيران.